السؤال
هل يستطيع العبد ترك جميع المحرمات دون الرجوع إليها؟ وإذا كان الجواب نعم ألا يخالف هذا الأمر أن العصمة للأنبياء فقط؟
وجزاكم الله خيرا.
هل يستطيع العبد ترك جميع المحرمات دون الرجوع إليها؟ وإذا كان الجواب نعم ألا يخالف هذا الأمر أن العصمة للأنبياء فقط؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فترك كل المحرمات دون الرجوع إليها، هكذا على وجه الإطلاق والتعميم، لا يتأتى عادة لأحد بعد الأنبياء المعصومين، وأما سائر المؤمنين، فيتفاضلون بترك الكبائر، وما استطاعوا من الصغائر، كما يتفاضلون بعد ذلك بالتوبة والإكثار من الصالحات! وقد سبق لنا بيان بعض الأدلة على أن العصمة من الذنوب ليست لأحد من البشر حاشا الأنبياء، فانظري الفتوى رقم: 121801.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على الشاذلي في حزبيه: العصمة من الذنوب مطلقًا لا تحصل لغير الأنبياء باتفاقِ أهلِ العلمِ المعتبرين. اهـ.
وقال الرملي في (نهاية المحتاج): اختلفوا في جواز سؤال العصمة! والوجه كما قال بعضهم: إنه إن قصد التوقي عن جميع المعاصي والرذائل في جميع الأقوال، امتنع؛ لأنه سؤال مقام النبوة. أو التحفظ من الشيطان والتخلص من أفعال السوء، فهذا لا بأس به. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في (الشرح الممتع): قولنا: "العصمة من الذنوب" ليس معناه العصمة المطلقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون». وقال: «لو لم تذنبوا؛ لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون؛ فيستغفرون الله؛ فيغفر لهم». اهـ.
وقال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح الطحاوية: لا أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزه عن جنس الذنب ... والعصمة إذا كانت معناها عدم الوقوع في الذنوب المخلة، فهي إنما وهبها الله - عز وجل - لرسوله صلى الله عليه وسلم، أما الأمة فلم توهب هذا النوع وهو أنه يعصم مطلقا من كل ذنب: ذنب اعتقاد، ذنب قول، أو ذنب عمل ... فإذا كان كذلك تلخص الأمر بأن العصمة الكاملة هي للنبي صلى الله عليه وسلم، وأما من عداه من الأمة فلم يعط العصمة الكاملة، ولا بد أن يقع في الذنب يصيبه. اهـ.
وراجعي ما سبق أن أجبناك به في فتواك السابقة برقم: 356626، ففيها أن زنا القلب بالتمني، وفعل الجوارح من العينين والأذنين واليدين والرجلين، لا يتحقق بالكامل في حق عامة البشر.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني