السؤال
إذا تيقنت من إصابة ثوب بنجاسة، ولكن مع الوقت نسيت أي ثوب كان نجسًا ضمن خمسة أثواب، ولكن لديّ غلبة ظن وترجيح قوي، في أن النجاسة في واحد أو اثنين على الأكثر من هذه الأثواب الخمسة، فهل يجوز العمل بغلبة الظن في هذه الحالة، أم يجب غسل جميع الأثواب؟ علمًا أني مصاب بوسوسة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا تيقنت تنجس ثوب من خمسة مثلًا، فقد اختلف العلماء في الواجب عليك حينئذ، فمنهم من يرى أنه ليس لك أن تصلي في أي من هذه الثياب المشكوك فيها، إن وجد طاهر بيقين، وإلا فإنك تصلي بعدد الثياب النجسة، وتزيد صلاة؛ لتتيقن أنك صليت في ثوب طاهر.
فإن كان المتيقن نجاسته ثوب من خمسة، صليت وجوبًا صلاتين؛ لتتيقن أنك صليت في ثوب طاهر، ومن العلماء من يرى أنك تعمل بالتحري، وتصلي فيما يغلب على ظنك طهارته صلاة واحدة؛ لأن هذا هو ما تقدر عليه، والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وهذا القول هو الذي نرى لك العمل به، خاصة وأنت مصاب بالوسوسة، جاء في الروض المربع مع حاشيته: وإن اشتبهت ثياب طاهرة بثياب نجسة يعلم عددها، أو اشتبهت ثياب مباحة بثياب محرمة يعلم عددها، صلى في كل ثوب صلاة بعدد النجس من الثياب، أو المحرم منها، ينوي بها الفرض احتياطًا، كمن نسي صلاة من يوم، وزاد على العدد صلاة؛ ليؤدي فرضه بيقين. فإن لم يعلم عدد النجسة أو المحرمة، لزمه أن يصلي في كل ثوب صلاة، حتى يتيقن أنه صلى في ثوب طاهر، ولو كثرت؛ لأن هذا يندر جدًّا، فألحق بالغالب، وينوي بكل صلاة الفرض احتياطًا، وتكفي نيتها ظهرًا مثلًا، إذ لا تتعين الفرضية، كما يأتي في باب النية، واختار الشيخ، وغيره: يصلي فيما غلب على ظنه طهارته، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، قَلَّت أو كثرت. وقال: فإن الله تعالى لم يوجب على العبد صلاة مرتين، إلا إذا حصل منه إخلال بالواجب، أو فعل محرم، فإنه يعيد ما أخل فيه. ولا تصح في ثياب مشتبهة مع وجود طاهر يقينًا، وقال الشيخ: إذا أداه اجتهاده إلى طهارة أحد الثوبين، وغلب على ظنه صحت، وإن كان نجسًا في نفس الأمر، وهذا القول ظاهر، وهو قياس المذهب. انتهى.
وبه يتبين لك أن الواجب عليك على ما رجحه شيخ الإسلام، هو أن تصلي في الثوب الذي يغلب على ظنك طهارته، وتتجنب الثوب الذي يغلب على ظنك نجاسته، إلا أن تطهره، فتصلي فيه، واعلم أن تطهير الثياب لا يجب إلا لأجل الصلاة.
والله أعلم.