السؤال
جزاكم الله خيرًا على هذا الموقع، وعلى كل المجهودات المبذولة لإعلاء كلمة الله.
أريد أن تفيدوني في بعض أمور العائلة: أنا حديث استقامة، وأعاني من مشاكل كثيرة مع زوجتي، ولا أعرف كيف أتصرف؟ فقد أردت أن أعيش أنا وأولادي على سنة الله ورسوله، وأرجو أن يوفقني الله في هذا، وقد أردت إخراج التلفاز من بيتي، فقالت زوجتي: إذا خرج التلفاز، فسأخرج أنا، ولي أكثر من سنة وأنا أحض زوجتي على الصلاة دون جدوى، فإذا صلت أسبوعًا، لا تصلي شهرًا، وأردت تغيير أمور كثيرة، فلم أستطع، فأفيدوني -جزاكم الله خيرا-، فلا أعرف ماذا أفعل؟ ولي منها بنتان، وابن.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسيرك على طريق الاستقامة هو عين الصواب، ومن المهم أن تبذل الأسباب التي تعينك على الثبات على هذا الطريق، ويمكنك أن تستفيد من توجيهات لنا، تجدها في الفتوى رقم: 12928.
واعتبر بحالك السابق، وأنت تدعو الآخرين إلى الحق، فارفق بهم، فأنت معهم بمثابة الطبيب المعالج، قال تعالى: كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا النساء:94}، وروى مسلم عن عائشة -رضي الله عنها-، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرفق لا يكون في شيء، إلا زانه، ولا ينزع من شيء، إلا شانه.
ومن أعظم ما يعين على استجابتهم لك: أن تركز على التعليم، وحسن التوجيه؛ ليستقر الإيمان في القلب، فعندها يسهل التطبيق والامتثال، وهذا هو النهج النبوي، ففي صحيح البخاري: وأخبرني يوسف بن ماهك، قال: إني عند عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، إذ جاءها عراقي، فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك، وما يضرك؟ قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلِّي أؤلف القرآن عليه؛ فإنه يقرأ غير مؤلف. قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل؟ إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار؛ حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر؛ لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل: لا تزنوا؛ لقالوا: لا ندع الزنا أبدًا.
واحرص أيضًا على أن تكون قدوة لهم، يرون منك الود، والشفقة، وحسن المعاملة؛ لتملك قلوبهم، فيتأسون بك، ويسيرون على نهجك، ولا بأس أن تحاول تخفيف الشر فيما يتعلق بالتلفاز، وما يشاهدون فيه من برامج محرمة.
وتفريط زوجتك في أمر الصلاة، منكر عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، فالصلاة هي الركن العملي الأول من أركان الإسلام، وأول ما يحاسب عليه العبد من أعماله، وهي الصلة بين العبد وربه، فلا خير فيمن يقطع هذه الصلة، وراجع الفتوى رقم: 355606.
فناصحها في ذلك بالحكمة، والموعظة الحسنة، وخوفها بالله، وأليم عقابه، إن ماتت على خاتمة سيئة -عسى أن ترجع إلى ربها وتتوب-.
فإن فعلت، فالحمد لله، وإلا فإن أصرت على ذلك، ولم يجد معها شيء، ففراق مثلها مستحب، قال ابن قدامة في المغني مبينًا أحكام الطلاق: والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل: الصلاة، ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها... اهـ.
وإن رأيت الصبر عليها لأجل مصلحة الأولاد، ونحو ذلك، فلا بأس، واستمر في جانب إصلاحها.
والله أعلم.