السؤال
أمي تقول إن للشيطان القدرة على الظهور بين الناس لكي يتلاعب بهم. ومن هذه الألاعيب أنه إذا أراد شخص ما الزواج فإنه يظهر له لكي يتزوجه. فإذا كان المتزوج رجلا ظهر له الشيطان على شكل امرأة، أما إذا كان المتزوج امرأة ظهر لها على شكل رجل. مع العلم أن أمي لم تجمع كافة الناس، بل فئة معينة بهذه الألاعيب. سأعطيكم مثالا: تقدم أحد الأشخاص لأختي، ولكن والدتي رفضته لأنها تقول عليه شيطان. أريد أن أنبهكم أن أمي كثيرا ما تقرأ القرآن، وتقوم الليل، ودائما ما تقول الأذكار.
أريد منكم أن توضحوا ما صحة هذا الكلام الذي تقوله أمي؟ وإذا كان خاطئا ما هو الدليل على خطئه؟ وإن كان صحيحا ما هو الدليل على صحته؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشيطان قد جعل له الله تعالى القدرة على التشكل بأشكال مختلف المخلوقات، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 61999، ولكن ينبغي الحذر من أن يتخذ هذا سبيلا للوقوع في أسر الوساوس والأوهام؛ بحيث ينظر المسلم إلى كل مخلوق أمامه أنه ربما يكون شيطانا. وإن كانت أمك على التفكير الذي ذكرته عنها، فقد وقعت في حبائل هذه الخواطر السيئة، وكونها كثيرا ما تقرأ القرآن، وتقوم الليل، وتحافظ على الأذكار لا يمنعها من الوقوع في ذلك، فينبغي أن ينصحها بعض الفضلاء بالحذر منه.
ولا ندري حقيقة ما تقصد أمك بتلاعب الشيطان بالإنسان الذي تصفه، ولا ماذا تقصد بوصف من تقدم لابنتها بأنه شيطان. وعلى كل فمبررات رد الخاطب تتعلق بدينه وخلقه لا بالرجم بالغيب، وما سمعنا عن أحد رد بمثل هذا المبرر، فلم نسمع أن خاطبا رد لأنه يمكن أن يكون شيطانا قد تمثل بصورته، ولو سار الناس على هذا التصور لتعطلت مصالحهم، فلن يتبايعوا، أو يتناكحوا، أو يتسامروا، فتتعطل المصالح ويصبح أفراد المجتمع مرضى نفسيين، وتفسد حياتهم، وهذا ما لا يرتضيه الشرع أو العقل.
وقد بينت السنة الصحيحة أن محل النظر من المسلم الذي يتقدم للخطبة هو الدين والخلق، ففي الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. فيتأكد قبول الخاطب الكفء وعدم رده.
قال المناوي في فيض القدير: (فزوجوه) إياها، وفي رواية: " فأنكحوه" أي: ندبًا مؤكدًا. اهـ.
والله أعلم.