السؤال
سألتني زميلة في الجامعة عن الروحانيين، وأنا أعرف أنها لو راجعت شخصا ما، ستعمل بالسحر، وتقع بالحرام.
أنشأت صفحة على فيس بوك باسم روحانية، وقمت بمراسلتها وإرشادها، وإرسال رقية شرعية، وقلادات عادية فضية أكثر من مرة، مقابل مبالغ مادية. أمها دكتورة، بالآونة الأخيرة علمت أنها تسرق الأموال من أمها، والآن عندي ما يقارب ٥ ملايين.
ماذا أفعل بهذه الأموال؟ لا أستطيع إرجاعها، ولو أرجعتها ستحدث مشكلة كبيرة للبنت، البنت ترفض أن أرجعها لها، لكنها لا تعلم من أكون، أنا مجرد صفحة على فيس بوك.
ما حكم هذه الأموال؟ وبماذا تنصحوني؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنجيب عن مسألتك من خلال النقاط التالية:
أولا: عليك الكف عن التعامل مع البنت ولو من خلال تلك الصفحة، ويمكنك إعلامها بالحقيقة، وأنك فعلت ذلك خشية عليها من الوقوع في معاملة السحرة والمشعوذين، وأن المال الذي أخذته منها لا يزال معك.
ثانيا: لك أخذ ثمن ما دفعته إليها من قلائد فضية ونحوها، ورد ما زاد على ذلك، إلا أن تهبك إياه وتتركه لك عن طيب نفس.
ثالثا: مجرد ما يحكى عنها من أنها تسرق من مال أمها لا عبرة به، ولا يمنع التعامل معها فيما لديها؛ لأن الأصل في مال المسلم الحل.
قال ابن تيمية في الفتاوى: والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعى أنه ملكه.... إلى أن قال: فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده، بنيت الأمر على الأصل. اهـ.
رابعا: ينبغي أن تنصحها، وتبين لها أنه لا ينبغي التعامل مع كل من يدعي كونه يمارس الرقية أو نحو ذلك، بل لا بد من التحري خشية التعامل مع المشعوذين والكذابين وما أكثرهم، ويمكنها البحث عمن يوثق في دينه وورعه، وتعامله مباشرة ليرقيها الرقية الشرعية إذا كانت تحتاج إلى ذلك.
خامسا: لا بد من الحذر من الاسترسال معها، أو مع غيرها من النساء الأجنبيات عنك في الحديث.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّكَلُّمُ مَعَ الشَّابَّةِ الأْجْنَبِيَّةِ بِلاَ حَاجَةٍ، لأِنَّهُ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ، وَقَالُوا: إِنَّ الْمَرْأَةَ الأْجْنَبِيَّةَ إِذَا سَلَّمَتْ عَلَى الرَّجُل إِنْ كَانَتْ عَجُوزًا رَدَّ الرَّجُل عَلَيْهَا لَفْظًا، أَمَّا إِنْ كَانَتْ شَابَّةً يُخْشَى الاِفْتِتَانُ بِهَا، أَوْ يُخْشَى افْتِتَانُهَا هِيَ بِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهَا، فَالسَّلاَمُ عَلَيْهَا وَجَوَابُ السَّلاَمِ مِنْهَا حُكْمُهُ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الرَّجُل يَرُدُّ عَلَى سَلاَمِ الْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهِ إِنْ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ، وَتَرُدُّ هِيَ فِي نَفْسِهَا إِنْ سَلَّمَ عَلَيْهَا، وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِحُرْمَةِ رَدِّهَا عَلَيْهِ. اهـ.
وكم من فتنةٍ وقعت بين رجل وامرأة كانت بدايتها التحية والسلام، ثم تطور الأمر إلى التوسع في المحادثة، إلى غير ذلك.
فاحذر أخي السائل كل الحذر من هذا الباب، واجعل نُصبَ عينيك قولَ النبي صلى الله عليه وسلم:.. وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ. رواه مسلم.
والله أعلم.