السؤال
ما مدى صحة حديث أبي دجانة، ونخلة اليهودي؟ جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على ما يفيد إثبات هذه القصة، ولا عزوها إلى المصادر الموثوقة، ولا نرى إلا أنها موضوعة.
وإنما أوردها البكري في (إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين)، والصفوري في (نزهة المجالس ومنتخب النفائس) كلاهما بلا إسناد.
وقد صدرها البكري بقوله: (لطيفة)، وصدرها الصفوري بقوله: (حكاية)، وهذا نصها: كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: أبو دجانة، فكان إذا صلى الفجر خرج مستعجلًا، ولا يصبر حتى يسمع دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له يومًا: أليس لك إلى الله حاجة؟ فقال: بلى، فقال: فلم لا تقف حتى تسمع الدعاء؟ فقال: لي عذر -يا رسول الله-، قال: وما عذرك؟ فقال: إن داري ملاصقة لدار رجل، وفي داره نخلة، وهي مشرفة على داري، فإذا هب الهواء ليلًا، يقع من رطبها في داري، فإذا انتبه أولادي، وقد مسهم الضر من الجوع، فما وجدوه أكلوه، فأعجل قبل انتباههم، وأجمع ما وقع، وأحمله إلى دار صاحب النخلة، ولقد رأيت ولدي يومًا قد وضع رطبة في فمه، فأخرجتها بأصبعي من فيه، وقلت له: يا بني، لا تفضح أباك في الآخرة، فبكى لفرط جوعه.
فقلت له: لو خرجت نفسك لم أدع الحرام يدخل إلى جوفك، وحملتها مع غيرها إلى صاحبها.
فدمعت عينا النبي صلى الله عليه وسلم، وسأل عن صاحب النخلة، فقيل له: فلان المنافق، فاستدعاه، وقال له: بعني تلك النخلة التي في دارك بعشرة من النخل: عروقها من الزبرجد الأخضر، وساقها من الذهب الأحمر، وقضبانها من اللؤلؤ الأبيض، ومعها من الحور العين بعدد ما عليها من الرطب.
فقال له المنافق: ما أنا تاجر أبيع بنسيئة، لا أبيع إلا نقدًا لا وعدًا، فوثب أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- وقال: هي بعشرة من النخيل في الموضع الفلاني، وليس في المدينة مثل تلك النخيل، ففرح المنافق، وقال: بعتك. قال: قد اشتريت، ثم وهبها لأبي دجانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد ضمنت لك -يا أبا بكر- عوضها، ففرح الصديق، وفرح أبو دجانة -رضي الله عنهما-، ومضى المنافق إلى زوجته يقول: قد ربحت اليوم ربحًا عظيمًا، وأخبرها بالقصة، وقال: قد أخذت عشرة من النخيل، والنخلة التي بعتها مقيمة عندي في داري أبدًا نأكل منها، ولا نوصل منها شيئًا إلى صاحبها، فلما نام تلك الليلة وأصبح الصباح، وإذا بالنخلة قد تحولت بالقدرة إلى دار أبي دجانة، كأنها لم تكن في دار المنافق، فتعجب غاية العجب. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني