السؤال
أريد السؤال من فضلكم عن حكم بعض المواد الغذائية.
أنا أسكن في بلد أوروبي. الكثير من الأطعمة تحتوي على مضافات غذائية؛ والنكهات والملونات.
وجدت موقعا يوضح مكونات هذه المواد
تنقسم هذه المواد إلى ٤ أنواع:
المحرمة يقيناً
الحلال
المجهول
والمشبوه "يصنع أحياناً بمواد محرمة كالخنزير أو الكحول... وأحياناً لا...
قرأت الكثير من الفتاوى التي جعلتني أترك أكل كل طعام يحتوي على هذه المواد، سواء كانت محرمة أو مشتبها فيها أو مجهولة...
لكن لدي بعض الأسئلة:
ماذا لو كتب على الغلاف:
١) حلال؟ فهل أكتفي بذلك، أم يجب أن أتأكد بأن من صنعها لا يستعمل تلك المواد (وأنا أشك في ذلك؛ لأن أغلب الناس لا يخطر على بالهم بأن تلك المواد قد تكون حراما)
٢) يكتب أحياناً مصنوع بجيلاتين حلال. وهنا أطرح نفس السؤال، هل أكتفي بهذا؟
٣) بعض المواد لا يكتب عليها كلمة حلال، وفيها هذه المواد
ما هو حكم العمل في بيع أطعمة تحتوي على هذه المواد (١ و ٢ و-٣ )؟
عائلتي لا يوافقوني الرأي، يقولون ترك أكل كل هذه المواد فيه حرج وتعسير، "أما أنا فنجحت في ترك أكلها جميعاً دون حرج كبير، لكني تركت بيعها بحرج أكبر، فأنا أحتاج للعمل، ولا أجد عملا حلالا بحجابي، إلا هذا، أو تنظيف المنازل، لكن لم تسمح لي أمي بذلك " وهم يعملون في بيع هذه المواد. فهل عملي ذاك فعلاً حرام؟ وهل أكلي مما يشترونه بأموالهم حرام؟
جزاكم الله خيراً كثيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فترك أكل ما فيه مواد محرمة لم تستحل، من النكهات والملونات ونحوها، لا إشكال فيه.
وأما ما كان من هذه المواد مجهولا أو مشبوها، فلا يحكم بحظره سواء في الأكل أو في البيع، ويبقى على أصل الإباحة، ما لم يغلب على الظن حرمته باعتبار قرائن الحال أو واقع بلد معين؛ لأن القاعدة أن الطعام لا يُطرح بالشك، كما جاء في الشرح الصغير للدردير عن الطعام الذي وقعت فيه نجاسة. قال: يرفع منه بقدر ما ظن سريانها فيه، ويستعمل الباقي -ولو شك في سريانها فيه- لأن الطعام لا يطرح بالشك. اهـ.
ويتأكد هذا مع عموم البلوى بمثل هذه الأنواع من الأطعمة، ولا سيما مع اعتبار أن أغلب هذه المواد المصنعة تكون قد جرى عليها معالجة تتحول معها عن أصلها. وراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 120466، 28550، 48744.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: الله تعالى يخرج الطيب من الخبيث، والخبيث من الطيب، ولا عبرة بالأصل، بل بوصف الشيء في نفسه، ومن الممتنع بقاء حكم الخبث وقد زال اسمه ووصفه، والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجودا وعدما. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: حرم الله الخبائث التي هي الدم، والميتة، ولحم الخنزير ونحو ذلك، فإذا وقعت هذه في الماء أو غيره، واستهلكت لم يبق هناك دم ولا ميتة ولا لحم خنزير أصلا، كما أن الخمر إذا استهلكت في المائع، لم يكن الشارب لها شاربا للخمر، والخمرة إذا استحالت بنفسها وصارت خلا، كانت طاهرة باتفاق العلماء، وهذا على قول من يقول: إن النجاسة إذا استحالت طهرت، أقوى. كما هو مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر، وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد، فإن انقلاب النجاسة ملحا ورمادا ونحو ذلك، هو كانقلابها ماء، فلا فرق بين أن تستحيل رمادا أو ملحا أو ترابا أو ماء أو هواء ونحو ذلك، والله تعالى قد أباح لنا الطيبات، وهذه الأدهان والألبان والأشربة الحلوة والحامضة وغيرها من الطيبات، والخبيثة قد استهلكت واستحالت فيها، فكيف يحرم الطيب الذي أباحه الله تعالى؟! ومن الذي قال: إنه إذا خالطه الخبيث واستهلك فيه واستحال قد حرم؟ وليس على ذلك دليل لا من كتاب ولا من سنة، ولا إجماع ولا قياس. اهـ.
وعلى ذلك؛ فلا يحرم على السائلة أكل أو بيع ما كان مجهولا أو مشبوها، ما لم يغلب على ظنها حرمته بسبب ظاهر، أو قرينة مقبولة. ويتأكد هذا إذا ما كتب عليه (حلال).
والله أعلم.