السؤال
لدي عدة أسئلة بخصوص البنوك الإسلامية في مصر:
أولا: أنا أقوم بتحويل راتبي الشهري على بنك ربوي؛ لسهولة خدماته، وحسن التعامل، على عكس البنوك الإسلامية للأسف الشديد. ولكني أخرج الأرباح كاملة، ولا آخذها: أي أقوم بالاستفادة بأصل الراتب المحول فقط. فهل ذلك جائز، أم ينبغي أن أقوم بفتح حسابي في بنك إسلامي، منعاً لتشجيع البنوك الربوية، وعدم التعامل معها؟
ثانياً: أنا أقوم بحفظ مدخراتي في بنك فيصل الإسلامي في مصر، في حساب توفير مقابل أرباح/فوائد ربع سنوية. هل هذه الأرباح جائزة أم ربوية أيضا؟
لقد قمت بعمل بحث، وسمعت الكثير من الفتاوى التي تجيز أرباح بنك فيصل، والبعض الآخر يعتبرها ربا، والبعض الآخر يجيز أرباح هذا البنك جزئياً، مع إخراج نسبة 40% إلى 50% من هذه الأرباح، باعتبارها جزءا ربويا نتيجة تعامله في أذونات الخزانة، ولكن أغلب هذه الفتاوى تاريخها قديم نسبياً.
فأرجو الإفادة.
السؤال الثالث: هل أرباح بنك أبي ظبي الإسلامي في مصر، جائزة أم هي ربا؟
في الحقيقة أنا أفكر في تحويل حسابي من بنك فيصل، إلى بنك أبي ظبي الإسلامي، نتيجة سوء التعامل في بنك فيصل، وكذلك معدل الفائدة أعلى، يصل إلى 11.5% مقارنة ب 6 إلى 7% فقط لبنك فيصل.
فهل التعامل مع ذلك البنك جائز أم لا؟ لقد سمعت عدة فتاوى متضاربة في شأن هذا البنك.
الرجاء الإفادة، جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤلك نقاطا، نجمل الجواب عنها فيما يلي:
أولا: لا يجوز لك التعامل مع البنوك الربوية، بتحويل الراتب إليها ونحو ذلك، ما دمت تجد بنوكا إسلامية تندفع بها تلك الحاجة. وسهولة تعامل البنك الربوية -كما ذكرت- لا يبيح الإقدام على تلك المعاملة ولو مع نية التخلص من الفوائد الربوية.
فقد جاء في قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته التاسعة:
أولا: يجب على المسلمين كافة أن ينتهوا عما نهى الله تعالى عنه من التعامل بالربا, أخذا أو عطاء, والمعاونة عليه بأي صورة من الصور, حتى لا يحل بهم عذاب الله، ولا يأذنوا بحرب من الله ورسوله ...
ثالثا: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي، أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج, وإذ لا عذر له في التعامل معها بعد وجود البديل الإسلامي, ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب, ويستغني بالحلال عن الحرام. اهـ.
ثانيا: الأصل جواز التعامل مع البنوك الإسلامية في المعاملات المباحة، ومن ذلك استثمار المال لديها، والانتفاع بالأرباح التي تعطيها، ما لم يتبين للمرء وجود محذور شرعي يؤثر في التعامل معها، أو يؤثر في حلية أرباحها.
ومن استفتى من يثق بعلمه وورعه، فأفتاه بإباحة معاملة ما، فلا حرج عليه في تقليده في فتواه والأخذ بها، لكن تضارب الفتاوى حول بنك ما، يورث الريبة والشك فيه، ولا سيما إذا كانت تلك الفتاوى من جهات معتبرة موثوق بها علما وورعا. ولذا ينبغي للمرء أن يحتاط ويبحث عن البنك الإسلامي ذي السمعة الحسنة، ويسأل أهل العلم من ذوي الاختصاص في بلده، فلديهم من الاطلاع على حال تلك البنوك ما ليس لدى غيرهم، ولا يكن همه مقارنة نسبة الأرباح ومعدل الفائدة ونحو ذلك، بل همه تحري الحلال والبعد عن الشبه والريب.
ثالثا: لا يمكننا الحكم على أي من البنكين المذكورين حكما محددا, وما ذكرناه في الإجمال السابق يكفي، ثم إنا ننبه على أن العبرة في الأمور بحقائقها لا بمجرد العناوين والمسميات.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي، منبها على سوء تصرف بعض البنوك الإسلامية: المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا، فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية، تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع إلى الممول. انتهى.
والله أعلم.