السؤال
نحن في مكان إقامتنا، نذهب إلى المدينة بواسطة حافلات النقل، وهناك عدة خطوط نقل تربط منطقتنا بالمدينة، وقد زادوا تسعيرة النقل منذ شهور بحوالي خمسة دنانير، إلا أن بعض الحافلات كانت تقلنا بالتسعيرة القديمة، ربما دون أن يعلم أصحابها بالزيادة في التسعيرة الجديدة، وذلك بحكم عملهم في خط مغاير، فما حكم دفع التسعيرة القديمة لأصحاب هذه الخطوط، رغم وجود تسعيرة جديدة؟ وهل أصحاب هاته الحافلات مدينون لنا بفرق التسعيرة الآن؟ وإذا كانوا مدينين لنا، فكيف نرجع إليهم مالهم؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمكم دفع الفرق بين التسعيرتين القديمة والجديدة، فإن العبرة في الأجرة بما تعاقد عليه الراكب، وصاحب الحافلة.
وأما عدم علم أصحاب الحافلات بزيادة التسعيرة، فلا تأثير له -هذا إن سلمنا أنهم يجهلون ذلك، وإلا فهو احتمال بعيد جدًّا، والظاهر أنه مجرد وسوسة، وتعمق من السائل-.
وفيما صح من النهي عن بيع الحاضر للبادي، دليل على أن جهل المتعاقد بالسعر، لا يؤثر في صحة العقد وجوازه، جاء في المغني لابن قدامة: مسألة؛ قال: (فإن باع حاضر لباد، فالبيع باطل)، وهو أن يخرج الحضري إلى البادي، وقد جلب السلعة، فيعرفه السعر، ويقول: أنا أبيع لك، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض»، والبادي ها هنا: من يدخل البلدة من غير أهلها، سواء كان بدويًّا، أو من قرية، أو بلدة أخرى، نهى النبي صلى الله عليه وسلم الحاضر أن يبيع له، قال ابن عباس: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر لباد، قال: فقلت لابن عباس: ما قوله: حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارًا». متفق عليه. وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض». رواه مسلم، وابن عمر، وأبو هريرة، وأنس. والمعنى في ذلك، أنه متى ترك البدوي يبيع سلعته، اشتراها الناس برخص، ويوسع عليهم السعر، فإذا تولى الحاضر بيعها، وامتنع من بيعها، إلا بسعر البلد، ضاق على أهل البلد. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في تعليله إلى هذا المعنى. انتهى.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 331939.
والله أعلم.