السؤال
إذا كانت نهاية الشخص إلى القبر، فلماذا ينجب ويعمل، ويسعى في الحياة، ما دامت نهايته هكذا!؟ فقد أنجبت طفلتي منذ أربعة أشهر، لكني لا أعطيها حقها بسبب كثرة الأفكار، وخصوصًا بالموت، ولماذا علينا أن نعيش؟ التفكير أتعبني، فماذا أفعل؟
إذا كانت نهاية الشخص إلى القبر، فلماذا ينجب ويعمل، ويسعى في الحياة، ما دامت نهايته هكذا!؟ فقد أنجبت طفلتي منذ أربعة أشهر، لكني لا أعطيها حقها بسبب كثرة الأفكار، وخصوصًا بالموت، ولماذا علينا أن نعيش؟ التفكير أتعبني، فماذا أفعل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فزعمك أن القبر هو النهاية، ليس زعمًا مقبولًا بحال، بل القبر أول منازل الآخرة، وهو خطوة على الطريق الطويل، الذي يستقر بصاحبه إما في الجنة، وإما في النار.
والإنسان أوجد في هذه الدنيا لعمارتها بطاعة الله تعالى، واستخلفه الله فيها ليفعل ما أمره به، ويمتثل شرعه سبحانه، فيكون ذلك سبب سعادته.
فالمؤمن يعيش ليرضي ربه سبحانه، ويتقرب إليه بصنوف القربات، والتي منها الزواج، والقيام على الذرية، وتربية الأطفال، وتعاهدهم، فهذا كله من عبادة الله، التي خلق الله لها الثقلين، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات:56}:
فمن وفّى هذه الوظيفة حقها، وقام بما تقتضيه العبودية، كان الموت راحة له، وقرة عين، وانتقل منه إلى خير من هذه الحياة بما لا نسبة بينها وبينه.
ومن قصّر في واجب العبودية، ولم يوفّها حقها، فهو على خطر عظيم.
فعليك أن تصححي فكرتك، وتعلمي أن هذه الحياة ليست مقصودة بالذات، ولكنها وسيلة لنيل رضوان الله في الآخرة، وأن الموت ليس هو النهاية، بل هو بداية لرحلة الآخرة الطويلة، كما ذكرنا.
وقد ركّب الله في الخلق غريزة التزاوج، وحب التكاثر؛ ليبقى هذا النسل الإنساني إلى الأمد الذي قدره الله تعالى، حتى يأذن سبحانه بفناء الخليقة، ويجمع الناس جميعًا ليوم لا ريب فيه.
فعليك أن تقومي بحق ابنتك؛ رعاية وإحسانًا إليها، عالمة أن ذلك يكون ذخرًا لك في الآخرة؛ فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
واعلمي أنك إن ربيتها على طاعة الله، وأشربتها معاني الإيمان؛ فإنك تنتفعين بها بعد موتك، كما في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
فاعرفي المعنى الحقيقي الذي له خلقك الله، وأوجدك في هذه الدنيا، واصرفي نفائس أنفاسك في مرضاته سبحانه، حتى إذا أدركك الموت كان ذلك سبب سعادتك فيما بعد -نسأل الله أن يحسن خواتيمنا أجمعين-.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني