السؤال
أنا شاب أدرس في كلية العلوم. العام الماضي اجتزت امتحانا في إحدى المواد، كان صعبا، فاستعملت الهاتف كوسيلة للغش، وتم ضبطي متلبسا، وحكم عليّ بتوقيف لمدة سنتين. الآن أنا في المنزل أتقطع حسرة وندما على ذنبي، وهذا التوقيف من الدراسة سبب لي عقدة نفسية؛ لأنني أخاف بعد قضائي هذه العقوبة أن ﻻ أجد فرص الشغل. مع العلم أن أصدقائي سبقوني، وتوظفوا هذا العام، وأنا متأخر سنتين، والفقر يرعبني، وهَمُّ الوظيفة والمستقبل. ما نصيحتكم لي -جزاكم الله خيرا-؟ فأنا نادم بشدة على تفريطي في جنب الله.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تائباً إلى الله تعالى مما وقعت فيه من الغش، فأبشر بخير، ولا تيأس، وأحسن ظنك بربك، واعلم أنّ الرزق ليس محصوراً في باب معين، وليس متوقفاً على شهادة معينة، ومن كان حريصاً على مرضاة الله، واجتناب سخطه، مجتهداً في الأخذ بالأسباب، وكان متوكلاً على الله، فسوف يرزقه رزقاً طيباً، وييسر له سبل الكسب الحلال، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2ـ3}
واعلم أنّ الله قد يصرف عنك شيئا عاجلاً، ويدخر لك خيراً منه، فهو سبحانه أعلم بمصالح العبد من نفسه، وأرحم به من أبيه وأمه، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].
قال ابن القيم رحمه الله: والعبد لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه، لا يعرف التفاوت بين ما منع منه، وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا. اهـ
فاستعن بالله ولا تعجز، واشغل أوقاتك بما ينفعك في دينك ودنياك، وثق أنّ الله لن يضيعك، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.