السؤال
لقد كان حلمي حفظ القرآن والحديث، ثم دخلت أحد الجوامع، وطلبت العلم فيه حتى حفظت ما شاء الله من القرآن والمتون.
وفي يوم من الأيام لم أستطع أن أحفظ وجها من القرآن؛ فحاولت وحاولت، ولم أنجح، ثم كررت في اليوم الثاني؛ فصعب علي الحفظ، ثم قلَّت همتي في الحفظ، ومع الأيام لم أستطع أن أحفظ، وتركت حلقات التحفيظ، وقد نسيت كل الحفظ وكرهت حياتي؛ لأن حلمي لم يتحقق وهو حفظ القرآن، ثم انتكست، وكرهت نفسي لدرجة أنني وددت الانتحار، وصارت الحياة مرة، وأتمنى الموت، والضيق مستمر لا يذهب عني، وكنت قد خطبت للزواج، والآن كرهت حياتي، وأريد أن موت فقط.
هل من مغيث؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نعم .. الله تعالى هو المغيث الذي يجيب دعوة الداعي، ويجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
قال الشيخ السعدي في تفسير أسماء الله الحسنى: ومن أسمائه المغيث، وهو المنقذ من الشدائد الفادحة والكروب. {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} فالمغيث يتعلق بالشدائد والمشقات، فهو المغيث لجميع المخلوقات عندما تتعسر أمورها وتقع في الشدائد والكربات: يطعم جائعهم، ويكسو عاريهم، ويخلص مكروبهم، وينزل الغيث عليهم في وقت الضرورة والحاجة، وكذلك يجيب إغاثة اللهفان، أي دعاء من دعاه في حالة اللهف والشدة والاضطرار، فمن استغاثه أغاثه، وفي الكتاب والسنة من ذكر تفريجه للكروبات، وإزالته الشدائد وتيسيره للعسير شيء كثير جداً معروف. اهـ.
فإياك أن تيأس من روح الله: إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87]، واستعن بالله ولا تعجر، واعلم أن الله تعالى بيده مفاتيح الفرج والرزق والنعم، فالفضل والخير كله بيديه، والشر ليس إليه. فما أصاب المرء من سوء، أو زالت منه من نعمة، فبما كسبت يداه، ومن تاب تاب الله عليه ... فاستعن بالله والجأ إليه، وتوكل عليه، وأحسن الظن به، وأكثر من الدعاء والتضرع، واستقم على طاعته، وأكثر من الاستغفار وحقق شروط التوبة، واصبر وصابر، فيوشك أن يأتيك الفرج، وترجع إلى حفظ القرآن، وتشعر بطعم الطاعة، وتذوق حلاوة الإيمان، فيتبدل حالك، وتدرك حقيقة الحياة الدنيا وأنها دار ابتلاء ومحنة، ومرحلة اختبار وفتنة، فمن وُفّق فيها فاز بالنعيم المقيم، في جوار الرب الكريم سبحانه وتبارك وتعالى.
ونوصيك بتدبر كلام الله تعالى وتفهمه قبل حفظه، فهذا يفتح لك الطريق وييسر لك الخير، كما نوصيك بتدبر أسماء الله تعالى فهذا أصل أصول معرفته، ونرشح لك في ذلك كتيباً لطيفَ الحجم، سهل العبارة، وهو كتاب (لأنك الله).
وراجع للفائدة، الفتاوى التالية أرقامها: 273697، 3913، 17167، 113955، 33860.
والله أعلم.