السؤال
هناك حديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، يقول فيه: "من قال: الحمد لله، مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، كان أفضل من مائة فرس يحمل عليها في سبيل الله"، فهل الأجر لا يتحقق إلا إذا قالها الشخص قبيل الغروب؟ فأنا أكون في السيارة عائدًا من عملي إلى البيت في وقت أذان العصر، وأصل البيت قبل أذان المغرب بساعة، وبعد أن أصلي صلاة العصر، أقرأ أذكار المساء، وبعدها أقول: سبحان الله وبحمده مائة مرة أو أكثر، وبعده أستغفر مائة مرة أو أكثر، وحينما أريد أن أقول: "سبحان الله، الحمد لله، الله أكبر" مائة مرة، يكون وقت الغروب قد حان؛ لذا أضطر أن أقولها مسرعًا دون وعي وخشوع، فهل يجوز أن أقول: سبحان الله، الحمد لله، الله أكبر، وسبحان الله وبحمده، والاستغفار، وأنا في السيارة قبل وصولي إلى البيت، أم إن الأمر يشترط فيه أن يكون وقت هذا الذكر قبيل الغروب؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث قد أخرجه النسائي في الكبرى عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: سبحان الله مائة مرة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، كان أفضل من مائة بدنة، ومن قال: الحمد لله مائة مرة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، كان أفضل من مائة فرس يحمل عليها، ومن قال: الله أكبر مائة مرة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، كان أفضل من عتق مائة رقبة، ومن قال: لا إله إلا الله، وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مائة مرة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، لم يجئ يوم القيامة أحد بعمل أفضل من عمله، إلا من قال قوله، أو زاد. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
والمراد في نصوص الشرع بالذكر قبل غروب الشمس، هو ما بعد صلاة العصر إلى الغروب، قال ابن القيم في ـ الوابل الصيب: الفصل الأول: في ذكر طرفي النهار، وهما: ما بين الصبح وطلوع الشمس، وما بين العصر والغروب، قال سبحانه وتعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرًا * وسبحوه بكرة وأصيلًا. والأصيل: قال الجوهري: هو الوقت بعد العصر إلى المغرب.
وقال تعالى: وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار.
فالإبكار: أول النهار.
والعشي: آخره.
وقال تعالى: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب.
وهذا تفسير ما جاء في الأحاديث: من قال كذا وكذا حين يصبح، وحين يمسي، أن المراد به قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، وأن محل هذه الأذكار بعد الصبح، وبعد العصر. هـ بتصرف يسير.
لكن ذكر الله مشروع في كل وقت وحين، فإذا شغل المرء عن الإتيان بالأذكار في وقتها، فلا ضير عليه في الإتيان بها بعد ذلك، لكن الأصل أن الثواب المعين المقيد بوقت معين، لا يُنال بالذكر في غير ذلك الوقت، وقد سئل ابن باز: هل تزول الفائدة من قراءة الأوراد، والأذكار الصباحية والمسائية متأخرةً عن وقتها، كالظهر، أو بعد العشاء مثلًا؟
فأجاب: السنة المحافظة على الأذكار، والدعوات الصباحية والمسائية في أوقاتها، وإذا ذهب وقتها، ذهب ثوابها المتعلق بوقتها، أما التسبيح، والتهليل، والتحميد، والتكبير، والاستغفار، والدعاء، وقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فهذا مشروع في جميع الأوقات. اهـ.
لكن خصوص حمد الله مائة مرة، جاء فيه الثواب بأنه يعدل مائة فرس يُحمل عليها في سبيل الله، دون تقييد بذكرها قبل طلوع الشمس، وقبل الغروب، ففي مسند الإمام أحمد عن أم هانئ بنت أبي طالب، قالت: مرّ بي ذات يوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني قد كبرت وضعفت، أو كما قالت، فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة، قال: "سبحي الله مائة تسبيحة، فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدة، فإنها تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة، تحملين عليها في سبيل الله، وكبّري الله مائة تكبيرة، فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلدة متقبلة، وهلّلي الله مائة تهليلة، قال ابن خلف: أحسبه قال: تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحد مثل عملك، إلا أن يأتي بمثل ما أتيت به. وحسنه الألباني في السلسة الصحيحة.
والله أعلم.