السؤال
فتوى الليث بن سعد الشهيرة لهارون الرشيد..التي انقذه فيها بالآية الكريمة: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" عندما طلق زوجته و أراد ردها.. شكرا
فتوى الليث بن سعد الشهيرة لهارون الرشيد..التي انقذه فيها بالآية الكريمة: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" عندما طلق زوجته و أراد ردها.. شكرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد روى هذه الحادثة جماعة، ومنهم أبو نعيم في الحلية عن خادم الرشيد قال: جرى بين هارون الرشيد وبين ابنة عمه زبيدة في شيء من الأشياء، فقال هارون لها في عرض كلامه أنت طلاق إن لم أكن من أهل الجنة، ثم ندم واغتما جميعا بهذه اليمين ونزلت بهما مصيبة لموضع ابنة عمه منه، فجمع الفقهاء وسألهم عن هذه اليمين فلم يجد منها مخرجاً ثم كتب إلى سائر البلدان من عمله أن يحمل إليه الفقهاء من بلدانهم، فلما اجتمعوا جلس لهم وأدخلوا عليه، وكنت واقفاً بين يديه لأمر إن حدث يأمرني بما شاء فيه، فسألهم عن يمينه وكنت المعبر عنه، وهل له منها مخلص، فأجابه الفقهاء بأجوبة مختلفة، وكان إذ ذاك فيهم الليث بن سعد في من أشخص من مصر، وهو جالس في آخر المجلس لم يتكلم بشيء، فقلت له: إن أمير المؤمنين يقول لك مالك لا تتكلم كما تكلم أصحابك، فقال: قد سمع أمير المؤمنين قول الفقهاء وفيه مقنع، فقال: قل: إن أمير المؤمنين يقول: لو أردنا ذلك سمعنا من فقهائنا ولم نشخصكم من بلدانكم، ولما أحضرت هذا المجلس، فقال: يخلي أمير المؤمنين مجلسه إن أراد أن يسمع كلامي في ذلك، فانصرف من كان بمجلس أمير المؤمنين من الفقهاء والناس، ثم قال: تكلم، فقال: يدنيني أمير المؤمنين، فقال: ليس بالحضرة إلا هذا الغلام، وليس عليك منه عين، فقال: يا أمير المؤمنين أتكلم على الأمان وعلى طرح التعمل والهيبة والطاعة لي من أمير المؤمنين في جميع ما آمر به، قال: لك ذلك، قال: يدعو أمير المؤمنين بمصحف جامع، فأمر به فأحضر، فقال: يأخذه أمير المؤمنين فيتصفحه حتى يصل إلى سورة الرحمن، فأخذه وتصفحه حتى وصل إلى سورة الرحمن، فقال: يقرأ أمير المؤمنين، فقرأ فلما بلغ "ولمن خاف مقام ربه جنتان" قال: قف يا أمير المؤمنين ههنا، فوقف فقال: يقول أمير المؤمنين والله، فاشتد على الرشيد وعلي ذلك، فقال له هارون ما هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين على هذا وقع الشرط، فنكس أمير المؤمنين رأسه، وكانت زبيدة في بيت مسبل عليه ستر قريب من المجلس تسمع الخطاب، ثم رفع هارون رأسه إليه فقال: والله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إلى أن بلغ آخر اليمين، ثم قال: إنك يا أمير المؤمنين تخاف مقام الله، قال هارون: إني أخاف مقام الله، فقال: يا أمير المؤمنين فهي جنتان وليست بجنة واحدة كما ذكر الله تعالى في كتابه، فسمعت التصفيق والفرح من خلف الستر، وقال هارون: أحسنت والله، بارك الله فيك، ثم أمر بالجوائز والخلع لليث بن سعد ، ثم قال هارون : يا شيخ اختر ما شئت وسل ما شئت تجب فيه، فقال: يا أمير المؤمنين وهذا الخادم الواقف على رأسك، فقال: وهذا الخادم، فقال: يا أمير المؤمنين والضياع التي لك بمصر ولابنة عمك أكون عليها، وتسلم إلي لأنظر في أمورها، قال: بل نقطعك إقطاعاً، فقال: يا أمير المؤمنين ما أريد من هذا شيئاً، بل تكون في يدي لأمير المؤمنين فلا يجري على حيف العمال، وأعز بذلك، فقال: لك ذلك، وأمر أن يكتب له ويسجل بما قال، وخرج من بين يدي أمير المؤمنين بجميع الجوائز والخلع والخادم، وأمرت زبيدة له بضعف ما أمر به الرشيد ، فحمل إليه، واستأذن في الرجوع إلى مصر، فحمل مكرماً. وما ذهب إليه الليث بن سعد رحمه الله وافقه عليه جماعة من الفقهاء، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: ولو قال المسلم إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق، لم تطلق إن مات مسلماً وإن أذنب، وإلا تبين وقوعه. أي إذا مات كافراً لأن من مات على الإسلام مآله إلى الجنة، كما وعد الله تعالى بذلك، ولا يتخلف وعده سبحانه. والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني