الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توبة المرأة من العلاقة المحرمة وعدم الالتزام بالحجاب

السؤال

أنا فتاة مسلمة، غير متحجبة، متزوجة، ومغتربة عن أهلي، وزوجي غير مهتم بي، تعرفت إلى شاب، وأحببته، وأعطيته كل شيء، وأريد أن أتوب إلى ربي، وأتمنى أن تجيبوني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أمر الله النساء بالحجاب، ونهاهن عن إبداء الزينة أمام الرجال الأجانب؛ قال تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31}.

فالحجاب يصون عفة المرأة، ويحفظ كرامتها، ويعين على طهارة المجتمع، وحماية أفراده من الانحراف، وفوق ذلك كله هو فريضة من الله تعالى، لا يسع المسلمة تركها، فمن لوازم الإسلام ومقتضيات الإيمان؛ الانقياد لأمر الله، والتسليم لحكمه؛ قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب:36}.

فعلى هذه الأخت أن تبادر بالتوبة إلى الله، والمحافظة على الحجاب الذي أمرها به ربها، وعليها أن تتعلم ما يلزمها من أحكام الشرع، وتحرص على مصاحبة الصالحات. وللفائدة راجعي الفتاوى: 18119، 6745، 115873.

أمّا بخصوص سؤالك عن التوبة مما وقعت فيه من الحرام، فاعلمي أنّ ما وقعت فيه من العلاقة المحرمة، إثم عظيم، ومنكر شنيع، وخيانة للأمانة.

ومع ذلك؛ فإنّ الله تعالى واسع الرحمة، وعظيم العفو، فمهما عظم ذنب العبد، ثمّ تاب توبة صادقة؛ فإن الله يقبل توبته، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله: يا ابن آدم، إِنَّكَ ما دَعَوْتَني ورَجَوْتَني: غفرتُ لك على ما كانَ مِنكَ، ولا أُبالِي. يا ابنَ آدمَ، لو بلغتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السماءِ، ثم استَغْفَرتَني: غَفَرْتُ لك، ولا أُبالي .. أخرجه الترمذي.

بل إنّ الله تعالى يحبّ التوابين، ويفرح بتوبتهم، ويبدل سيئاتهم حسنات، والتوبة تمحو أثر الذنب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ.

والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه.

ومن صدق التوبة: أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان، فقفي عند حدود الله، ولا تتهاوني في التعامل مع الرجال الأجانب، واجتهدي في الأعمال الصالحة. وللفائدة راجعي الفتويين: 5450، 179365.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني