السؤال
هل النعش (الكرب)، والمغسلة، من الصدقة الجارية التي يجوز التصدق به على روح المتوفى، إذا تم شراء ذلك، ووضعه في مقابر المسلمين أم لا؟ وهل دفع مبالغ للجمعيات الإسلامية؛ لعمل آبار مياه في البلاد الإفريقية الفقيرة، من الصدقة الجارية على روح المتوفى؟ وإذا تم استخدام المبلغ المدفوع في غير الغرض الذي أردته، كصدقة جارية دون علمي، فهل يصل للميت شيء من الأجر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة الجارية هي: الوقف، قال النووي في شرح حديث: إذا مات الإنسان انقطع عمله، إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية...الحديث: وكذلك الصدقة الجارية: وهي الوقف. انتهى. والوقف هو: حبس الأصل، وتسبيل المنفعة، بمعنى أن توقف عينًا لها منفعة على الفقراء مثلًا، أو طلبة العلم، أو نحو ذلك، يملكون منافعها، وتبقى العين موقوفة، لا تباع، ولا توهب.
وعليه؛ فيجوز توقيف نعش, ومغسلة للأموات, وإهداء الثواب للمتوفى.
كما يجوز لك دفع مال لمن يقوم بحفر بئر صدقة جارية عن المتوفى, بل إن هذا من أفضل الصدقة الجارية عن الميت، كما سبق بيانه في الفتوى: 329821.
وعلى الجهة التي توكلها في حفر بئرٍ، أن لا تخالف ما قصدتّه أنت؛ لأن شرط الواقف يعمل به, إلا إذا كانت المصلحة تقتضي تغيير هذا الشرط، وراجع التفصيل في الفتويين التاليتين: 77164، 188337.
وأما على افتراض أن الجهة التي قمتَ بتوكيلها في حفر بئر، قد صرفت المال في غير الصدقة الجارية، فإننا لم نظفر بنقل عن الفقهاء في هذه المسألة بعينها، وهل يكتب للمتصدق أجر الصدقة الجارية أم لا؟ ولكن نرجو حصول ثواب الصدقة الجارية للميت، وتثاب أنت على نيتك؛ وذلك أن النية على فعل الخير عملٌ صالح يثاب عليه العبد، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في شرح حديث: لَكَ مَا نَوَيْتَ -يَا يَزِيدُ-، وَلَكَ مَا أَخَذْتَ -يَا مَعْنُ-. قال: في هذا الحديث: دليل لما ساقه المؤلف من أجله أن الأعمال بالنيات، وأن الإنسان يكتب له أجر ما نوى؛ وإن وقع الأمر على خلاف ما نوى. اهـ.
وانظر المزيد من كلام أهل العلم في هذه المسألة, وذلك في الفتوى: 130536، وهي بعنوان: "ثبوت أجر المتصدق وإن وقعت الصدقة في غير أهلها".
والله أعلم.