السؤال
في عام 1992 وضعت لي أمي مبلغ 2000 جنيه تقريبًا كوديعة في البنك، وبعدها بعشرين سنة، وصل هذا المبلغ إلى 40000 جنيه، فلو أردت ترك الفوائد، والاكتفاء بأصل المبلغ، فستكون الخسارة كبيرة، خاصة أن أصل المبلغ فقد كثيرًا من قيمته في هذه المدة، فهل يجوز تقييم ال2000 جنيه بالذهب سنة 1992، وحساب قيمة الذهب في 2012، وأخذ قيمته من الفوائد، أم ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا البنك ربويًّا، فلا يجوز إيداع المال عنده بفائدة ربوية. ومن فعل ذلك، فقد تعامل بالربا، والواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، ولا يحل له إلا رأس ماله، كما يدل عليه قوله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ [البقرة: 279].
وأما الخسارة التي أشار إليها السائل، فإنها حصلت باختيار المودع، ومعصيته، إن كان يعلم الحكم. والمطلوب هو سحب الوديعة من البنك الربوي، وأخذ رأس المال، والتخلص من الربا الزائد؛ بإنفاقه في سبل الخير، وبذله للفقراء والمساكين، ونحوهم، وانظر الفتويين: 37102، 7036.
ويبقى التنبيه على أن السائل لو كان فقيرًا محتاجًا، فله أن يأخذ من هذا المال، بقدر حاجته؛ أسوة ببقية الفقراء، قال النووي في (المجموع): قال الغزالي: "إذا كان معه مال حرام، وأراد التوبة، والبراءة منه، فإن كان له مالك معين، وجب صرفه إليه، أو إلى وكيله، فإن كان ميتًا، وجب دفعه إلى وارثه، وإن كان لمالك لا يعرفه، ويئس من معرفته، فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة، كالقناطر، والربط، والمساجد، ومصالح طريق مكة، ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه، وإلا فيتصدق به على فقير، أو فقراء ... وإذا دفعه إلى الفقير، لا يكون حرامًا على الفقير، بل يكون حلالًا طيبًا، وله أن يتصدق به على نفسه، وعياله، إذا كان فقيرًا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته؛ لأنه أيضًا فقير". وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع، ذكره آخرون من الأصحاب، وهو كما قالوه. اهـ.
والله أعلم.