السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر ثمانية عشر عاما، أُعاني من ظلم أمي وأبي لي، يُكلفاني ما لا أستطيع فعله من أعمال المنزل، وحمل الأثقال وغيرها، بجانب الظلم والتجريح المستمر منهما، وأنا صابرة، وأعلم فضلهما، ولكن الآن لا أستطيع تحملهم، وبدأت أرد عليهم، وأعاتبهم، وأدعو عليهم بالهلاك باستمرار؛ لأنهم آذوني في كل شيء، وأبي غني، ولكن لا يصرف علينا جيدا، مما زادني غيظا وقهرا؛ لدرجة أنه تقدم لي رجل في الستين من عمره، فوافقت عليه حتى يخرجني من هذا البيت، ولكن وقفوا بوجهي ورفضوه.
السؤال: هل يحق لهم رفضه، وأنا أريده؟ وهل ما فعلته أنا من رد معاملتهم، والصراخ عليهم عقوق؟ لأنهم يؤذونني بغير حق. وأرى أنه من حقي أن أرد عليهم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا حال والديك معك حقا، فلا شك في أن هذا من البلاء العظيم، فمن أعظم الظلم ظلم ذوي القربى، ووالداك مسيئان بتصرفهما معك بهذا الجفاء والغلظة، ولكن لا يجوز لك معاملتهما بالمثل، فقد أمر الله عز وجل بالصبر على الوالدين، وحسن التعامل معهما، ولو كانا كافرين، يجاهدان في سبيل حمل الولد على الكفر، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.
فما تقومين به من الصراخ في وجهيهما ونحو ذلك نوع من العقوق تجب عليك التوبة منه، واستسماحهما فيه.
ونوصيك بالصبر عليهما، ففي الصبر الخير الكثير، والعاقبة الحميدة، وانظري بعض دلائل ذلك في الفتوى: 18103.
وعليك أيضا بكثرة الدعاء لهما أن يهديهما، ويتوب عليهما، لا الدعاء عليهما؛ فإنه عقوق، ولعل دعوة صالحة منك يصلح الله بها حالهما، وتسعدين بسعادتهما.
وإن رجوت أن ينتفعا بنصح الناصحين، فكلمي في شأنهما بعض أهل الفضل والخير؛ عسى الله تعالى أن يسوق الخير على أيديهم.
وإذا لم يكن لديك مال، فنفقتك واجبة على أبيك حتى تتزوجي، ويدخل بك زوجك، كما سبق بيانه في الفتوى: 179233.
وبخصوص هذا الرجل الذي تقدم للزواج منك إن كان صاحب دين وخلق، ورغبت فيه، فلا يحق لوليك منعك من الزواج منه، ولعلك إن صبرت برا بوالدك أن ييسر الله لك شابا صالحا تسعدين معه، فتقارب السن بين الزوجين أمر له اعتباره.
ويمكنك أن تستعيني ببعض من تثقين بهن من صديقاتك، وانظري الفتوى: 18430.
والله أعلم.