السؤال
أولا: جزاكم الله عنا خير الجزاء.
سؤالي: أنا -والحمد لله رب العالمين- عبد من عباد الرحمن، ولكني قد ابتليت بالتدخين، وحاولت أن أتركه، ولكني لم أستطع. مع العلم أني شاب -والحمد لله، وبفضل من الله- أقيم الصلوات جميعها، وأصلي السنن الرواتب، ولا أقطع منها أي شيء، والحمد لله أقوم الليل ما استطعت، وأحفظ القرءان، وأتلوه يوميا، ومن بعد ما علمت أن الإصرار على الصغائر يجعلها كبيرة، تركت الكثير من الذنوب؛ مثل العادة السرية، والكذب، والغيبة، وغيرها، وهذا ليس من عملي، بل من فضل ربي، لكني لم أستطع أن أترك التدخين.
سؤالي هو: هل ذنب التدخين يذهب بالأعمال الصالحة؟ يعني هل الأعمال الصالحة تمحو ذنب التدخين؟
وسؤالي الثاني: هل يعتبر المدخن خبيثا أو فاسقا أو منافقا؟ يعني: ما هو وصف المدخن في الإسلام؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالتدخين معصية من المعاصي، وهذا الذنب ولو كان من الصغائر، لكن الإصرار عليه يصيره من الكبائر، وانظر الفتوى: 357523.
ومما يُوقع المرء في الوصف بالفسق إصراره على الصغائر، جاء في الموسوعة الفقهية: الْفَاسِقُ هُوَ: الْمُسْلِمُ الَّذِي ارْتَكَبَ كَبِيرَةً قَصْدًا، أَوْ صَغِيرَةً مَعَ الإْصْرَارِ عَلَيْهَا، بِلاَ تَأْوِيلٍ. اهــ.
فالمدخن الذي يعلم حرمة التدخين، ويصر عليه، يوصف بأنه فاسق، وانظر الفتوى: 132221. عن تعريف كل من الكافر والفاسق والمنافق والعاصي، والفتوى: 297136. عن زيادة شعب النفاق بازدياد المعاصي وقلتها بقلتها.
فالواجب عليك أخي السائل أن تتوب إلى الله منه فورا، ولا يجوز أن تصر عليه اتكاءً على أن الأعمال الصالحة التي تفعلها ستمحو ذنب التدخين، وهذا الظن من تلبيس إبليس، فما يدريك أن الله تعالى قد تقبَّل منك تلك الأعمال.
فالمؤمن يطيع الله تعالى، ويبقى على وَجَلٍ أنه ربما قصَّر في العمل، ولم يحقق شروط قبوله، فلم يقبل منه عمله، وقد أثنى الله تعالى على عباده المؤمنين بهذا الخوف فقال عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {المؤمنون:60}.
قال الحسن: عملوا -والله- بالطاعات واجتهدوا فيها، وخافوا أن ترد عليهم. اهــ، فهذه صفة أهل الإيمان: يخافون أن ترد أعمالهم، لا أن يصروا على الذنوب اتكاء على أنها ستمحى بالعمل الصالح.
فتب إلى الله تعالى أخي السائل، واستعن بالله -عز وجل- على ترك التدخين، وتضرع إليه؛ فإنه نعم المولى، ونعم النصير.
والله تعالى أعلم.