السؤال
أنا وأختي متخاصمتان، مند 3 أشهر، وهي من ظلمتني، وكانت دائماً تظلمني وأسكت عن خطئها وغدرها لي، خوفاً منها، وعسى أن يهديها الله، لكن حصل قبل أشهر خصام كبير بيني وبينها، وأنا لا أتحدث معها، وما زالت على هذا الحال إلى الآن، تظلمني، أي: تحرّض إخوتي وأمي عليّ، وأنا لا أريد مسامحتها، ولا الكلام معها، خوفاً من التصادم معها في مشاكل أخرى. فهل عليّ دنب بخصامي معها؟ وهل أعمالي مقبولة؟ أرجو الرد، وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتركك الكلام مع أختك، داخل في حد الهجر، جاء في الموسوعة الفقهية في بيان الهجر: الْهَجْرُ: تَرْكُ مَا يَلْزَمُ تَعَهُّدُهُ، وَمُفَارَقَةُ الإْنْسَانِ غَيْرَهُ، إِمَّا بِالْبَدَنِ أَوْ بِاللِّسَانِ أَوْ بِالْقَلْبِ. اهـ.
وإذا كان ذلك هجراً، فإنه محرم، لما دلت عليه النصوص الشرعية من تحريم هجر المسلم أخاه المسلم، جاء في الموسوعة الفقهية: لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ هَجْرُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا، حَيْثُ وَرَدَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأْنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ يَحِل لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ فَهَذَا الْحَدِيثُ نَصَّ فِي مَنْعِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلاَثِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ. وَقَدْ عَدَّ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ هَجْرَ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ مِنَ الْكَبَائِرِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّقَاطُعِ وَالإْيذَاءِ وَالْفَسَادِ، وَثُبُوتِ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ فِي الآْخِرَةِ؛ لِحَدِيثِ: مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ فَهُوَ فِي النَّارِ؛ إِلاَّ أَنْ يَتَدَارَكَهُ اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ .اهــ، وهذا الحديث رواه الطبراني وحسنه الألباني.
ومن الأحاديث التي جاء فيها الوعيد على الهجر حديث: لا يَحِلُّ لمسْلمٍ أنْ يَهْجُرَ مسلِماً فوْقَ ثلاثِ لَيالٍ، فإنَّهُما ناكِبانِ عنِ الحقِّ، ما داما على صِرامِهِما، وأَوَّلُهما فَيْئاً يكونُ سَبْقُه بالْفَيءِ كَفارَةً له، وإنْ سلَّم فلَمْ يَقْبَلْ ورَدَّ عليه سلامَهُ؛ ردَّتِ عليهِ الملائكةُ، وردَّ على الآخَرِ الشيطانُ، فإنْ ماتا على صِرامِهما؛ لَمْ يدخُلا الجنَّة جميعاً أبداً. رواه أحمد وصححه الألباني.
ويزداد الإثم عِظَمًا إذا وقع الهجر بين الأرحام، كالأخ، والأخ، لأنه هجر وقطيعة رحم، وهذه الخصومة والهجر أيضاً سبب مانع من مغفرة الله تعالى ورحمته، وسبب لتوقف قبول العمل، حتى يصطلح المتخاصمان، ففي الحديث: تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ في ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. رواه مسلم.
وحصول الأذى من القريب، لا يبيح قطع الصلة، فالواجب أن تصلي أختك ولو بأدنى درجات الصلة، وقد بينا أدنى درجاتها، وما ينقطع به الهجر في الفتوى: 18350، فاتقي الله أيتها السائلة، وتوقفي عن هجر أختك، وصليها، ولو بأدنى درجات الصلة، واصبري على أذاها، وانظري الفتوى: 139569، عن الهجر بين ذوي الأرحام، كيف ينتهي، وما يجب عليهم، والفتوى: 384067، عن هجر الأرحام متى يجوز، ومثلها الفتوى: 266131، وأخيراً الفتوى: 174149 عن تأخير المغفرة للمتهاجرين يومي الاثنين والخميس.
والله تعالى أعلم.