السؤال
مشكلتي أني فقدت الإحساس بالحياة، واللذة، بعد تعرضي للكثير من الشبهات حول الإسلام، ورغم سخافتها إلا أنها وجدت طريقها لرأسي، فأصبحت لا أنفكّ عن التفكير فيها رغمًا عني لمدة 4 أشهر، فكيف أعيد حياتي كما كانت؟ وكيف أدرك إن كنت في خطر أو لا؟
مشكلتي أني فقدت الإحساس بالحياة، واللذة، بعد تعرضي للكثير من الشبهات حول الإسلام، ورغم سخافتها إلا أنها وجدت طريقها لرأسي، فأصبحت لا أنفكّ عن التفكير فيها رغمًا عني لمدة 4 أشهر، فكيف أعيد حياتي كما كانت؟ وكيف أدرك إن كنت في خطر أو لا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم لك شيئًا أنفع من تدبر القرآن، وتفهّم معانيه، وإدامة تلاوته، مع كثرة الذِّكر، والإلحاح في الدعاء؛ ففي ذلك حياة القلب، وانشراح الصدر، هذا مع البحث عن صحبة صالحة ناصحة، والبعد عن مواطن الشبهات، ورفقة السوء، قال تعالى: وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا * وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:27-28}، قال السعدي في تفسيره: التلاوة: هي الاتباع، أي: اتبع ما أوحى الله إليك بمعرفة معانيه، وفهمها، وتصديق أخباره، وامتثال أوامره ونواهيه؛ فإنه الكتاب الجليل، الذي لا مبدل لكلماته، أي: لا تغير، ولا تبدل؛ لصدقها، وعدلها، وبلوغها من الحسن فوق كل غاية. {وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلًا} فلتمامها استحال عليها التغيير، والتبديل، فلو كانت ناقصة، لعرض لها ذلك، أو شيء منه، وفي هذا تعظيم للقرآن، في ضمنه الترغيب على الإقبال عليه. {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} أي: لن تجد من دون ربك، ملجأ تلجأ إليه، ولا معاذًا تعوذ به، فإذا تعين أنه وحده الملجأ في كل الأمور، تعين أن يكون هو المألوه المرغوب إليه في السراء والضراء، المفتقر إليه في جميع الأحوال، المسؤول في جميع المطالب. {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ..} يأمر تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم - وغيره أسوته في الأوامر، والنواهي - أن يصبر نفسه مع المؤمنين العباد المنيبين {الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} أي: أول النهار وآخره، يريدون بذلك وجه الله، فوصفهم بالعبادة، والإخلاص فيها، ففيها الأمر بصحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم، ومخالطتهم، وإن كانوا فقراء؛ فإن في صحبتهم من الفوائد ما لا يحصى. {وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} أي: لا تجاوزهم بصرك، وترفع عنهم نظرك ...
ودلّت الآية على أن الذي ينبغي أن يطاع، ويكون إمامًا للناس، من امتلأ قلبه بمحبة الله، وفاض ذلك على لسانه، فلهج بذِكر الله، واتّبع مراضي ربه، فقدّمها على هواه، فحفظ بذلك ما حفظ من وقته، وصلحت أحواله، واستقامت أفعاله، ودعا الناس إلى ما منّ الله به عليه، فحقيق بذلك أن يتبع، ويجعل إمامًا ...
وفي الآية استحباب الذكر، والدعاء، والعبادة طرفي النهار؛ لأن الله مدحهم بفعله، وكل فعل مدح الله فاعله، دل ذلك على أن الله يحبه، وإذا كان يحبه، فإنه يأمر به، ويرغب فيه. اهـ.
وراجع ما سبق أن أجبناك به في الفتوى: 403126.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني