السؤال
أحدهم حدث له حادث بالسيارة، وكان معه أولاده وأولاد صهره، فانقلبت به السيارة وماتت بنت صهره فقط، وعمرها خمس سنوات، مع العلم أنه كان يسوق بسرعة معتدلة 80كلم/سا والسيارة جديدة، لكن صار بها عطب بلواحق العجلات لم يكن متسببا فيه.
يسأل عن الدية والكفارة، هل تجبان أم ماذا؟
أفيدونا بارك الله فيكم، وزادكم علما.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدية والكفارة إنما تجبان على السائق إن كان متسببا في الحادث بتعد أو تفريط، وأما إن لم يكن منه تعد ولا تفريط، فلا يلزمه شيء.
قال ابن عثيمين: إذا حدث الحادث بالسيارة، فإنه يجب أن ينظر في سبب هذا الحادث، فإذا كان سبب الحادث من السائق إما بتعدٍّ وإما بتفريط فإنه يجب أن يضمن ما تلف بسبب هذا الحادث، وعليه الكفارة إن مات به أحد، مثال التعدي أن يحمل السيارة أكثر مما تتحمله، أو أن يحرفها وهي مسرعة، أو أن يسرع سرعةً كبيرة تكون سبباً للحادث. ومثال التفريط أن يتهاون في ملاحظة السيارة مثل أن يعلم بخللٍ فيها ولكن يتهاون يقول نصبر وصلنا البلد وصلنا المحطة، وما أشبه ذلك أو يعرف أن في عجلات السيارة خللاً ولكن يتهاون يقول المدى قريب، أو البلد قريب أو المحطة قريبة حتى ينفجر إطار السيارة فهنا يكون عليه ضمان ما تلف من نفسٍ أو مال وتكون عليه الكفارة.
أما إذا كان الحادث بلا تعدٍ ولا تفريط، فلا شيء عليه لا ضمان ولا كفارة مثل أن يكون انفجار العجلة بقضاء الله وقدره بدون سببٍ منه، ومثل أن يتفادى ضرراً يخشى منه ويكون حين التفادي انقلبت السيارة فإنه لا شيء عليه.
أما الأول الذي حصل الحادث بسببه وهو انفجار عجلة السيارة مع الاحتياط، فهذا لأنه لم يتسبب في هذا الحادث.
وأما الثاني فلأنه محسن، وصحيحٌ أنه هو الذي انحرف بالسيارة، لكنه انحرف بها معتقداً أن هذا هو طريق السلامة، وأنه أسلم مما لو بقي في خط سيره فيكون بهذا العمل محسناً وقد قال الله: (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ).
والمهم أنه يجب التحقق في سبب الحادث: فإذا كان بتفريطٍ من السائق أو بتعدٍ منه، فإنه يجب عليه الضمان والكفارة. وإن لم يكن بتعدٍ منه ولا تفريط أو كان بإحسان لتفادي الضرر، فليس عليه شيء لا ضمانٌ ولا كفارة. اهـ. باختصار من فتاوى نور على الدرب.
وإذا حصل شك في وجود التعدي أو التفريط من السائق، فإن الأصل هو براءة الذمة حتى يتبين ما يوجب شغلها بالدية والكفارة.
قال العز بن عبد السلام: فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم والأجساد من حقوقه وحقوق العباد، إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. اهـ من قواعد الأحكام.
وراجع للفائدة الفتويين التاليتين: 356698، 152489.
والله أعلم.