السؤال
هل تسقط ولاية الأب العاقّ في زواج ابنته؟ علمًا أنه هاجر زوجته وأولاده ست سنين، وقبلها لم يكن ينفق عليهم أيضًا، ولا يهتمّ بصحتهم، ولا السؤال عنهم، حتى في أشد الظروف؛ كالعمليات أو التعب شديد، وهل يجوز أن يكون وليّ الابنة أخاها الكبير؛ لعدم وجود عمٍّ، ولا جَدّ لها؟ وهل يصح الزواج من غير موافقة الأب العاق؟ علمًا أن الأب مدمن، وكل ما يمتلكه يصرفه لأجل إدمانه، ولا يبالي بابنته، ويريد أن يتحكم في الموافقة بالعريس؛ ليوقف حالها، ولا يريد أن يتكفل بأيَّة مصاريف لابنته.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن ينفق على زوجته، ومن يستحق النفقة من أولاده؛ كالصغار من أولاده الذين لا مال لهم، كما سبق وأن بينا في الفتوى: 19453، فتفريطه في ذلك خطأ، وإثم مبين. وكذلك الحال فيما يتعلق بتقصيره في أمر الرعاية، فقد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته.
ومجرد إساءة الأب لابنته وتقصيره في حقها، لا يسقط ولايته عليها في النكاح.
ولا يشترط في الولي العدالة، على الراجح من أقوال الفقهاء، ففسقه بما ذكر من الإدمان، لا يسقط ولايته عليها، وانظري الفتوى: 106292، والفتوى: 113290، فلا يجوز لها أن تنكح بولاية الأبعد مع وجوده. ولمعرفة ترتيب الأولياء في النكاح، راجعي الفتوى: 63279.
لكن إذا منع الولي موليته من الزواج من الكفء، وثبت عضله لها، سقطت ولايته، ولو كان مستقيم الحال، وانتقلت الولاية إلى الأبعد، فإن لم يزوجها، فلترفع أمرها للقضاء الشرعي؛ ليتولى القاضي تزويجها، فالسلطان وليّ من لا ولي له، ولمزيد الفائدة، تراجع الفتوى: 32427.
وننبه إلى أن إساءة الوالد لا تسقط عن أولاده برّهم له، وإحسانهم إليه، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 370030.
وينبغي السعي في سبيل هدايته، وإصلاحه بالدعاء له، وبتسليط العلماء والفضلاء عيه ليناصحوه، عسى أن يؤوب إلى ربه، ويتوب، فينال من تسبب في ذلك الأجر العظيم، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدى الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم.
والله أعلم.