السؤال
ما الفرق بين شخص يمتنع عن صغائر المعاصي، وشخص يفعلها ثم يكفرها بصيام يوم في السنة؛ كيوم عرفة، أو الصلوات الخمس، أو صلاة الجمعة. ولو قلت ربما يأتي أجل العبد قبل حلول الصلاة التالية أقول صيام عرفة يكفر السنة الماضية والباقية.
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصوص الوعد بمغفرة الذنوب بالحسنات يجب أن لا تكون مسوغة للعبد أن ينتهك الستر الذي بينه وبين الله تعالى، وأن لا تجعله يقتحم مساخطه -سبحانه وتعالى- لأسباب ذكرناها في الفتوى: 128824. فانظرها للأهمية.
والفرق بين من يصون نفسه عن المعاصي، وبين من يقتحمها بحجة أنه سيفعل الطاعات الماحية لها، كالفرق بين من يحافظ على نظافة ثوبه من الدنس، وبين من يدنسه بالنجاسة مؤملا نفسه أنه سيطهره بعد ذلك، فالذنوب دنس للقلوب، والابتعاد عنها غنيمة وطاعة، ولا شك أن الحسنة تمحو السيئة على تفصيل ذكرناه في بعض الفتاوى كالفتوى: 220336.
ولكن لا يدري العبدُ هل قبل الله تعالى حسنته أم ردها عليه بسبب تقصير وخلل وقع فيها، وقد أثنى الله تعالى في كتابه على من يفعل الحسنات، ويخاف أن لا تُقبل منه كما في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {المؤمنون:60}. وقد سألت عَائِشَةُ -رضي الله عنها- رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}.
فعدم المبالاة بارتكاب الذنوب، والاتكال على تكفيرها بالصيام ليس من صفات أهل الإيمان.
والله أعلم.