الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللزوجة على زوجها أن يعدل بينها وبين بقية زوجاته في المبيت والنفقة؛ لأن هذا العدل واجب، وهو شرط جواز التعدد وإلا حرم، قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}.
فيجب عليه أن يبيت معها ليلتها، والنهار تبع للَّيل، كما ذكر أهل العلم. وقد رخصوا للزوج الخروج في أول الليل؛ لكونه مما هو معتاد الخروج فيه للحاجة, كخروجه للصلاة, ونحوها؛ وكذلك الخروج في النهار للمعاش، وقد نقلنا قولهم في ذلك في الفتوى: 281857.
فإن كان المقصود بكون هذا الرجل لا يأتي لزوجته إلا من أجل الحق الشرعي، أنه يأتي لقضاء حاجته منها في الفراش ثم ينصرف، فلا شك في كونه مسيئا وظالما، فيجب عليه أن يؤدي إليها حقها على الوجه الذي ذكرناه آنفا.
ويجب عليه أن ينفق عليها بالمعروف، أي بقدر ما يكفيها ويستحقه مثلها، فإن وفى لها بذلك، فقد أدى ما عليه. وإن قصر فيه فقد ظلم. ونرجو مراجعة الفتوى: 268876، والفتوى: 49632، وفي هذه الفتوى الأخيرة بيان الخلاف بين العلماء في العدل بين الزوجات فيما زاد على النفقة من الهبات والعطايا.
وقد ذكر بعض العلماء أن الزوج إذا كان ظالما للمرأة، فلا تلام المرأة على هجره.
قال ابن حجر في كتابه فتح الباري عند شرحه للحديث- إذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ: ... ولا يتجه عليها اللوم إلا إذا بدأت هي بالهجر فغضب هو لذلك، أو هجرها وهي ظالمة، فلم تستنصل من ذنبها وهجرته. أما لو بدأ هو بهجرها ظالما لها، فلا. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين: وفي هذا دليل على عظم حق الزوج على زوجته، ولكن هذا في حق الزوج القائم بحق الزوجة، أما إذا نشز ولم يقم بحقها؛ فلها الحق أن تقتص منه، وألا تعطيه حقه كاملاً؛ لقول الله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) [البقرة: 194]، ولقوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) [النحل: 126]. اهـ.
وبناء عليه؛ يجوز لها أن تمنعه حقه إذا منعها حقها.
وإذا سافر مع زوجته للنزهة أو العمرة، فلا يجب عليه أن يسافر بالأخرى كما سافر بها، ولكن هنالك تفصيل في أمر القضاء لها في المبيت، سبق بيانه في الفتوى: 4955.
ولا يجب على الزوج أن يشتري لزوجته مستلزمات البيت إلا إذا جرى العرف بذلك، كما ذكر أهل العلم، وقد ضمنا كلامهم بهذا الخصوص الفتوى: 121256.
وأما أخذها للطبيب، فلم نجد كلاما لأهل العلم بخصوصه، وجمهور الفقهاء ومنهم المذاهب الأربعة، أن مصاريف علاج الزوجة وثمن دوائها غير واجب على الزوج. فأولى أن لا يجب إيصالها للطبيب، ولكن من حسن العشرة أن يعينها الزوج في ذلك كله لتزداد الألفة وتقوى المودة، وراجعي الفتوى: 49804.
ولا يجوز للمرأة طلب الطلاق من زوجها لمجرد زواجه من أخرى، وإن كانت متضررة بالبقاء معه، فلها الحق في طلب فراقه بالطلاق أو الخلع، والأولى أن لا تفعل إلا إذا ترجحت عندها مصلحة الطلاق؛ لما في الطلاق من أضرار وآثار سيئة وخاصة على الأولاد.
ولو قدر أن افترقا، وكانت زوجته حاضنة لأولاده، فسكنى المطلقة الحاضنة قد اختلف العلماء فيه، فمنهم من لم ير وجوبه. ومنهم من أوجبه، ومنهم من أوجبه إذا لم يكن للحاضنة مسكن، وانظري التفصيل في الفتوى: 24435 .
وهذا بخلاف سكناها في العدة، ويمكن أن تراجعي فيه الفتوى: 2238، والفتوى: 60409.
والله أعلم.