السؤال
كيف أبرئ ذمتي من أشياء احتفظت بها، وأستخدمها لأغراضي الشخصية من أماكن عملي السابقة كالأقلام للكتابة، والمسطرة، وأظرف وآلات حاسبة، وشريط لاصق، علما بأنني عملت حسبة تقريبية لأسعارها ودفعتها إلى جمعية البر الخيرية.
فهل يلزمني التخلص من هذه الأشياء؛ لأن بعضا منها ما زال بحوزتي، وكما أعلمتكم أنها من أعمال سابقة بمعنى أني لا أستطيع العودة وإرجاعها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت أخذت تلك الأغراض دون وجه حق -بلا إذن نصي أو عرفي- فإنه يتعين عليك ردها إن كانت باقية -وقيمة نقصها معها إن نقصت- إلى جهات العمل تلك، إلا أن يعفوا ويسامحوا.
جاء في المنثور في القواعد الفقهية: قال الصيرفي: وأما رد المضمون، فأقسام:
الأول: ما عينه موجودة، فيكلف رده؛ إلا أن يختار المالك خلافه.
الثاني: أن تنقص العين، فيردها وقيمة نقصها، إن لم يوجد مثل النقص؛ كحنطة نقص منها جزء.
الثالث: أن تفوت العين، فيلزمه مثلها كالحنطة (والزيت)؛ لأن المثل موجود في نفسه، ويسقط الاجتهاد في القيمة، وما ليس له مثل، وكل ما كان مثله من جنسه يتفاضل ولا يتحصل (فالرجوع) إلى القيمة. اهـ. باختصار.
وأما التخلص من تلك الأغراض بالصدقة بها أو بقيمتها: فلا تبرأ به الذمة به إلا عند العجز عن إيصال الحق إلى أصحابه، وأما مع إمكان إيصاله إليهم، فلا تبرأ الذمة بالصدقة.
وإذا تعذر الوصول إلى أصحاب الحق، فإنه يسوغ التصدق بقيمة تلك الأغراض، ولا يجب التخلص من أعيانها.
جاء في كشاف القناع: (وإن بقيت في يده غصوب لا يعرف أربابها فسلمها إلى الحاكم ويلزمه) أي الحاكم (قبولها برئ من عهدتها) (وله) أي الذي بيده المغصوب (الصدقة بها عنهم) أي أربابها؛ لأن المال يراد لمصلحة المعاش أو المعاد، ومصلحة المعاد أولى المصلحتين. وقد تعينت ههنا لتعذر الأخرى (بشرط ضمانها) لأربابها إذا عرفهم؛ لأن الصدقة بدون الضمان إضاعة لمال المالك لا على وجه بدل، وهو غير جائز. ونقل صالح أو بالقيمة وله شراء عرض بنقد ولا يجوز في ذلك محاباة قريب أو غيره نصا (ويسقط عنه) أي الغاصب (إثم الغصب) بدفعها للحاكم أو الصدقة بها عن ربها بشرط ضمانها؛ لأنه معذور عن الرد للمالك لجهله به. وإذا تصدق بها فالثواب لأربابها (وكذا رهون وودائع وسائر الأمانات والأموال المحرمة) كالسرقة والنهب إذا جهل ربها دفعها للحاكم، أو تصدق بها عن ربها بشرط ضمانها له؛ لأن في الصدقة بها عنهم جمعا بين مصلحة القابض بتبرئة ذمته ومصلحة المالك بتحصيل الثواب له. اهـ. باختصار.
وراجع للفائدة الفتوى: 262381.
والله أعلم.