السؤال
كنت أعمل في وظيفة، وكنت أتغيب كثيرًا عن الدوام، فكان أصحاب العمل في كثير من الأحيان ينزلون لي راتبًا أكثر من الذي أستحقه، أي أنهم كانوا يزيدونني فوق ما أستحق 100 ريال، وأحيانًا 500 ريال، وكنت متضايقًا من ذلك الشيء؛ لأني أكره أن يتصدق عليّ أحد، فكيف أستطيع ردّ هذه المبالغ؟ فأنا لا أريد أن يكون لأحد فضل عليّ،؟ وهل أرجعها عن طريق الصدقة؟ أو أعطيهم مالهم يدًا بيد؟ جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أصحاب العمل أعطوك هذه الزيادة بطِيب نفس، ولم يكن منك كذب، ولا خداع لهم؛ فلا حرج عليك في قبول تلك العطية، ولا ينبغي لك ردّها إليهم، لكن يستحب أن تثيبهم عليها، إن قدرت على ذلك، ففي مسند الإمام أحمد عن خالد بن عدي الجهني، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بلغه معروف عن أخيه من غير مسألة، ولا إشراف نفس، فليقبله، ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه. وفي صحيح ابن حبان عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجيبوا الداعي، ولا تردّوا الهدية، ولا تضربوا المسلمين.
قال ابن حبان: زجر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر عن ترك قبول الهدايا بين المسلمين.
فالواجب على المرء إذا أهديت إليه هدية: أن يقبلها، ولا يردها، ثم يثيب عليها، إذا قدر، ويشكر عنها. انتهى من روضة العقلاء.
وإذا أردت أن تتصدق بهذه الأموال عن أصحاب العمل؛ فلا حرج عليك في ذلك.
وإذا أردت رّدها إليهم، فينبغي أن تعتذر لهم؛ تطييبًا لقلوبهم، قال النووي -رحمه الله-:.. فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنِ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ هَدِيَّةٍ، وَنَحْوِهَا لِعُذْر: أَنْ يَعْتَذِرَ بِذَلِكَ إِلَى الْمُهْدِيِ؛ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ. انتهى.
والله أعلم.