السؤال
استيقظنا متأخرين لصلاة الفجر، فأيقظت أهلي، ولكني خفت ألا نلحق وقت الصلاة، فصليت قبلهم، على أن أنوي التنفل معهم.
لكني تفاجأت أن أبي قدمني للإمامة، فلم أدر ماذا أفعل؛ لأني إذا أخبرته أني صليت قبلهم قد يغضب، وبنفس الوقت لم أكن أعلم بجواز إمامة المتنفل بالمفترض، وخفت أن تبطل صلاتهم بسببي، فهم لا يعلمون أني صليت. وخفت أيضا أن تكون نيتي خاطئة، فقد احترت هل أنوي إعادة الفرض مرة أخرى، أم أنوي صلاة ركعتين نافلة، فكبرت للإمامة، ثم قطعت الصلاة، وأخبرت أبي أن وضوئي فسد، فأمَّ أبي باقي أهلي وأكملوا الصلاة.
سؤالي: هل صلاة أهلي صحيحة؟ أم علي أن أعتذر منهم، وأخبرهم بإعادة الصلاة؟
قرأت أن أكثر العلماء أبطلوا صلاة المأموم إذا قطع الإمام الصلاة.
أرجو الإيضاح لي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمنت حادثتك هذه عدة أسئلة، والإجابة عليها كالتالي:
بداية: لا بد أن تعلم أن صلاتك الثانية نافلة، حتى ولو كانت على سبيل الإعادة في الوقت؛ لأن الصلاة الأولى التي صليتها هي الفريضة.
ثم إن اقتداء المفترض بالمتنفل؛ من المسائل المختلف فيها بين الفقهاء، والراجح جوازه بدليل ما ثبت عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- من أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم يرجع إلى قومه، فيؤمهم في صلاة العشاء. ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله: أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة. وهو مذهب الشافعية وقول عند الحنابلة.
قال في المهذب في الفقه الشافعي: ويجوز أن يأتم المفترض بالمتنفل، والمفترض بمفترض في صلاة أخرى؛ لما روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: أن معاذاً -رضي الله عنه- كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، ثم يأتي قومه في بني سلمة، فيصلي بهم، هي له تطوع، ولهم فريضة العشاء. انتهى.
وقال النووي في المجموع: قد ذكرنا أن مذهبنا جواز صلاة المتنفل والمفترض خلف متنفل، ومفترض في فرض آخر. وحكاه ابن المنذر عن طاوس وعطاء والأوزاعي، وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب. قال: وبه أقول، وهو مذهب داود. وقالت طائفة: لا يجوز نفل خلف فرض، ولا فرض خلف نفل، ولا خلف فرض آخر. قاله الحسن البصري والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو قلابة، وهو رواية عن مالك، وقال الثوري وأبو حنيفة: لا يجوز الفرض خلف نفل آخر ولا فرض آخر، ويجوز النفل خلف فرض، وروي عن مالك مثله. انتهى.
ثانيا: قطعك للصلاة؛ ولمعرفة حكم قطع الصلاة وأسبابه، انظر الفتوى: 11131.
ثالثا : هل صلاة أهلك صحيحة أم لا؟ والجواب عنه أنه اختلف أهل العلم فيما إذا بطلت صلاة الإمام، هل تبطل صلاة المأمومين مطلقًا أم لا تبطل بل يستخلفون؟ والراجح الثاني؛ لأن عمر -رضي الله عنه- لما طُعن أَخَذَ بيد عبد الرحمن بن عوف فقدَّمه، فأتم بهم الصلاة، وكان ذلك بمحضرٍ من الصحابة وغيرهم، ولم ينكره مُنكِرٌ.
قال زكريا الأنصاري في "شرح الروض": فصلٌ: وإن بطلت صلاةٌ للإمام، أو أبطلها عمدًا، جمعةً كانت أو غيرها، بحدث أو غيره، فاستخلف هو أو المأمومون قبل إتيانهم بركنٍ، شخصًا صالحًا للإمامة بهم، مقتديًا به قبل حدثه، ولو صبيًّا أو متنفلًا، جاز. اهـ.
ولمعرفة ما يبطل صلاة المأموم من عدمه عند بطلان صلاة الإمام، انظر الفتوى: 46834.
وأما عن حكم إخبارك لأهلك بعد أن حصل منك ما حصل، وانتهت الصلاة، فينبني على اختلاف الفقهاء في بطلان صلاة المأموم في هذه الحالة من عدم بطلانها، وقد بينا في الفتوى: 46834، مذاهب أهل العلم في ذلك.
والله أعلم.