السؤال
أنا رجل عصبي، وكنت متضايقًا؛ فضربت زوجتي قبل الإفطار، وهربت مني، فلحقتها لكي أضربها، لكن أهلي وقفوا بيننا، وأتى أخي، فركبت زوجتي في سيارته، وكنت في حالة جنون لم تصبني من قبل، فقلت لها: "انزلي من السيارة أو تكونين طالقًا بالثلاث"، وهي كانت خائفة مني، ولا تستطيع النزول؛ لأنها جالسة بجوار أخي، ولا تعرف ماذا تفعل في الموقف الذي كانت فيه، وقلت لها: "أنت طالق، طالق، طالق بالثلاث" وهي جالسة جنب أخي في السيارة، فأبعدها عني أخي؛ لكي لا أضربها، وكانت زوجتي صائمة، وأخي وعائلتي صيام، ولم أكن أعني ما أقوله، وأنا نادم، ولديّ طفلة رضيعة، لا أريد أن تضيع بسببي، فما الحكم؟
أعلم أنها كانت في حالة يرثى لها، وكانت أفكارها مشتتة وخائفة، وأخي هرّبها قبل أن تفكّر في النزول من السيارة، ولم يعطِها وقتًا تفكّر فيه؛ لأنه صائم، وخائف عليها مني، وكان في نيتي أن تنزل وترجع إلى البيت، ولم أكن أنوي ضربها، فتشتت أفكاري أنا وزوجتي وعائلتي؛ لأننا صيام، وحدث ذلك أثناء الإفطار، وأخي كان مقصده أن تهرب مني، فماذا أفعل الآن؟ أرجو الإجابة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أنّ الغضب وإن كان شديدًا، لا يمنع نفوذ الطلاق، ما لم يزل العقل، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث، يقع ثلاثًا. وراجع الفتوى: 337432، والفتوى: 192961.
وعليه؛ فما دمت تلفظت بطلاق زوجتك ثلاثًا، مدركًا لما تقول، غير مغلوب على عقلك؛ فقد طلقت زوجتك ثلاثًا، وبانت منك بينونة كبرى.
وليس لك مراجعتها إلا إذا تزوجت زوجًا غيرك -زواج رغبة، لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج، ثم يطلقها، أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.
والأولى أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم في بلدك.
واعلم أنّ الضرب المأذون فيه عند نشوز الزوجة، هو الضرب غير المبرح، بعد استعمال الوعظ، والهجر في المضطجع، وراجع الفتوى: 22559.
كما ننبهك إلى أنّ الغضب مفتاح الشر، فينبغي الحذر منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: "لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ". رواه البخاري.
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير. انتهى.
والله أعلم.