السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 28 سنة، تأتيني كثير من الوساوس في العقيدة، وفي كل شيء، وأحس بضيقٍ دائمٍ، وكثيرًا ما أكون وحدي، وأماطل كثيرًا في تأدية أعمالي وواجباتي.
أنا أحفظ القرآن -والحمد لله-، ومحافظة على صلواتي في وقتها، ولكني أحس بضيق دائمًا.
لم أتزوج، مع أني ألحّ في الدعاء كثيرًا، ولم يُستجب لي، ولا أعلم أي ذنب يؤخّر عني الاستجابة.
أحاول أن أبتعد عن الذنوب، وإذا ابتدأت بتكرير الاستغفار والحوقلة، تأتيني وساوس: هل تذكرين الله من أجل الزواج!؟ ًودائما في شتات من التفكير، وعدم ثقة في نفسي، أو في أحد، وأريد أن أصل إلى الثقة بالله، وكامل حسن الظن به. جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك، وأن يقيك شر نفسك، وشر الشيطان وشركه.
وأما مسألة الثقة بالله تعالى، وحسن الظن به، فهذا فرع لمعرفته، والإيمان به، فمن عرف الله تعالى، أحبّه، وتوكّل عليه، وفوّض أمره إليه، وآوى إلى ركنه، ولم يلتف إلى غيره.
ومن أقرب الأبواب إلى ذلك: تدبّر القرآن، وتفهّم معانيه، والإكثار من ذكر الله تعالى، مع حضور القلب، وفقه المعنى، ومدارسة أسماء الله تعالى وصفاته، وإحصاؤها.
فإن عاشت السائلة في هذه الرحاب الفسيحة، انشرح صدرها، واطمأنّ قلبها، وسكنت نفسها، ورضيت بالله تعالى ربًّا، وبقضائه وقدره حظًّا ونصيبًا؛ فذاقت طعم الإيمان الذي يغنيها ويكفيها.
وأيقنت أن ما أصابها لم يكن ليخطئها، وما أخطأها لم يكن ليصيبها، وأن قضاء الله تعالى خير لها من اختيارها لنفسها.
وهذه هي جنة الدنيا التي لا يطيب العيش إلا بها، ولا يسعد إلا فيها.
ثم نذكر الأخت السائلة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت الآخرة همّه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همّه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له. رواه الترمذي، وصححه الألباني. وانظري الفتوى: 153131.
وأما ما يتعلق بأمر الزواج والدعاء به، فراجعي فيه الفتاوى: 114947، 151033، 171699، 142839.
والله أعلم.