السؤال
ما حكم من قطع شهوته عن طريق الأدوية؛ لأنه كان لديه شهوة كبيرة، ولا يستطيع الزواج، ووصل سن الأربعين، وذلك لفقره، وأيضا لا يستطيع الصوم دائما لمرضه أحيانا، واتجه إلى العبادة والعمل.
هل يأثم بذلك بمخالفة شيء أم يؤجر؟ لأنه ابتغى وراء ذلك عبادة الله، وعدم الضعف أمام الشهوات، وإن كان ذلك ضرارا به؛ فهل يمكن أن نقول إنه ارتكب أخف الضررين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نوصيك به هو أن تصوم بقدر طاقتك، وتقلل من الطعام، وتكتفي منه بما يقيم الصلب، ويمكِّن من أعمال البر وأعباء المعيشة، مع غض البصر، والبعد عن مواطن الفتن.
وقبل هذا: الاستعانة بالله تعالى، والإلحاح في دعائه، والإكثار من ذكره، ومصاحبة الصالحين. وراجع الفتاوى: 372715، 23231، 254686.
والذي نظنه أن هذا يكفيك ويغنيك عن أخذ دواء لهذا الغرض. فإن أنت فعلت ذلك، ولم تزل تعاني من شدة شهوتك، فلا حرج عليك بتناول دواء يخففها ويسكنها، دون أن يقطعها بالكلية، فإن ذلك لا يجوز.
جاء في الموسوعة الفقهية: يحرم على الرجل تناول دواء يقطع الشهوة بالكلية، كما يحرم على المرأة تناول ما يقطع الحبل. اهـ.
وقال قليوبي في حاشيته على شرح المحلي: يكره العزل وتفتير الشهوة، ويحرم قطع النسل ولو بدواء. اهـ.
وكراهة التفتير تزول مع الحاجة. قال الخطابي في معالم السنن عن شرح حديث: ومن لم يستطع فعليه بالصوم: فيه دليل على جواز التعالج لقطع الباءة بالأدوية ونحوها. اهـ.
وقال في أعلام الحديث: قد يستدل به على جواز التعالج لقطع الشهوة، كتناول الكافور ونحوه من الأشياء. اهـ.
وقال البغوي في شرح السنة بعد حديث: خصاء أمتي الصيام والقيام: في الحديث دليل على أن من لا يجد أهبة النكاح يجوز له المعالجة لقطع الباءة بالأدوية؛ لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمعالجة لقطعها بالصوم. اهـ.
وحكى ذلك ابن حجر في فتح الباري، ثم قال: ينبغي أن يحمل على دواء يسكن الشهوة دون ما يقطعها أصالة ؛لأنه قد يقدر بعد فيندم لفوات ذلك في حقه. وقد صرح الشافعية بأنه لا يكسرها بالكافور ونحوه، والحجة فيه أنهم اتفقوا على منع الجب والخصاء، فيلحق بذلك ما في معناه من التداوي بالقطع أصلا. اهـ. وانظر الفتوى: 116624.
والله أعلم.