السؤال
كيف نتخذ القرار السليم في ظل اختلافات العلماء، واختلاف الفتاوى بين العلماء والمذاهب؟
مثلا في الرجعة في الطلاق بدون بناء، وبعد خلوة شرعية، نجد أن جمهور العلماء يقول إن رجوع المطلقة بدون بناء وبعد الخلوة، يجب أن يكون بعقد جديد.
بينما الحنابلة يقولون إنه بعد الخلوة يرجعها كما يرجع المطلقة المعتدة، يرجعها في عدتها نطقا فقط، أو بالجماع.
بالنسبة لي سآخذ بفتوى الطلاق بدون بناء، بناء على قول جمهور العلماء؛ لأنها الأيسر، ومنطقية بالنسبة لي؛ وذلك لأنه في فتوى أخرى قيل بأنه في حالة الحيرة من اختلاف العلماء، فالأفضل أن تأخذوا الرأي الأيسر والسهل.
فهل ما فكرت به صحيح؟ وهل سآخذ إثما إذا أخذت بفتوى برأي بدا لي سهلا علي، ومنطقيا، وفي صالحي دون آخر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم إذا كان طالب علم له المقدرة على الاطلاع على كلام العلماء واستدلالاتهم، ووجوه الترجيح بين الأقوال؛ فهذا يأخذ بما يترجح عنده من أقوالهم حسب ما تقتضيه النصوص الشرعية، وقواعد الدين ومقاصده.
وإذا كان المسلم عامياً، فالواجب في حقه سؤال من يثق فيه من العلماء، فيستفتيه ويعمل بمقتضى فتواه.
قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دِينه ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
ولا يكثر التنقل بين المفتين؛ لأن هذا موجب لكثير من الحيرة والاضطراب.
وأما الأخذ من أقوال العلماء لمجرد التشهي والعمل بالأيسر، فهذا تتبع للرخص الشرعية، وهو لا يجوز إلا إذا دعت إليه حاجة، كما بيناه بالتفصيل في الفتوى: 134759.
وما أشرت إليه من الأخذ بالأيسر، فإنما هو فيما إذا استوى العلماء عنده، ولم يدر أيهم أرجح، فهنالك خلاف في المسألة على أقوال هذا أحدها، فإن أخذ به والحالة هذه، فلا حرج عليه، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 169801.
والله أعلم.