السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 15 سنة، أريد أن ألتزم بالشريعة الإسلامية -إن شاء الله- وأريد أن أتحجب -إن شاء الله- ولكنني أخاف من ذلك.
أحس أن كل شيء قد انتهى بالنسبة لي، ومضت 15 سنة من حياتي في عدم الالتزام الكامل بالشريعة الإسلامية. وأحس أن التزامي بها بعد حين، لا يعوض هذه السنوات السابقة.
رجاء، انصحوني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكرك في البدء على رغبتك في الاستقامة على طاعة الله عز وجل، ونسأله -سبحانه- أن ييسر لك ذلك، ويعينك عليه.
ونوصيك بكثرة الدعاء، فقد أمر الله بالدعاء، ووعد بالإجابة، حيث قال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
وراجعي الفتوى: 119608، ففيها بيان آداب الدعاء وأسباب إجابته.
وإذا بلغت سن الخامسة عشرة، فهذا يعني أنك مكلفة، بل التكليف يحصل بمجرد ظهور أي علامة من علامات البلوغ، ولمعرفة علامات البلوغ انظري الفتوى: 26889.
وكونك مكلفة، يعني أنك قد جرى عليك القلم، وأنك مسؤولة عن أعمالك، قال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {ق:18}، وروى أبو داود عن علي -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.
ومن هنا، تعلمين أن الواجب عليك الاستقامة بالتزام الفرائض، وترك المحرمات، ومن ذلك أمر الحجاب؛ فهو فريضة، كما ثبت بذلك أدلة الكتاب والسنة، كما هو مبين في الفتوى: 63625.
فننصحك بالمبادرة إلى الاستقامة، فالعمر محدود والأجل معدود، ولا تدرين متى يفجؤك الموت، قال تعالى: وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ *أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ {الزمر57:55}.
وهنالك عوامل تعين على الاستقامة، ذكرنا بعضها في فتاوانا، فنحيلك على الفتاوى: 1208، 10800، 12928.
وما فات من العمر على فرض أنك قد فرطت فيه، لا ينبغي أن يكون ذلك مانعا لك من استثمار ما بقي، كيف وما مضى من العمر ربما كان كله قبل التكليف، ومنه مدة الصغر وعدم التمييز. فلا تلتفتي إلى هذه الهواجس، فقد تكون مجرد حيلة شيطانية؛ ليثبطك بها عن سلوك سبيل الخير، فقد قال تعالى: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف16: 17}.
والله أعلم.