السؤال
لدي مشكلة، وهي أني إذا بقيت وقتًا طويلًا دون الدخول إلى الحمام ، أجد دائمًا قطرات من البول في لباسي الداخلي، فكنت أضطر إلى خلعه كلما جاء وقت الصلاة، وأصلي في إسدالي، وكنت أحيانًا أشعر بنزول مياه، فصرت أضع منديلًا كحفاض، ولكنه كان دائمًا يقع مني في وسط الصلاة، لأنه غير مثبت بشيء، ولم أكن أعرف كيف أتصرف، فكان دائمًا ثوبي الداخلي نجسًا، ولم أملك من الثياب ما يكفي للتغيير كلما دخل وقت الصلاة. وقبل ذلك كانت أمي تخبرني أنه يكفي أن أغسل موضع النجس من ثوبي، كلما أتى وقت الصلاة، وكنت أفعل ذلك، وأظن أن ثيابي هكذا أصبحت طاهرة، وأصلي فيها، مع أن غسلها لم يكن يكفي كما أظن؛ لذلك أصبحت أخلعه قبل كل صلاة، وأنا أذكر أنني لم أكن أفعل ذلك دائمًا حقًا، أذكر أنني كنت أغير ملابسي في اليوم أكثر من مرة، ولكن لدي ظن أنها كانت تتنجس، ولم أغيرها، ولا أدر كيف كنت أتصرف.
فماذا أفعل مع تلك الصلوات؟ مع العلم أنني كنت أظن أن لدي سلسا، وكان يسبب ذلك لي توترًا شديدًا كلما جئت أصلي، فبالفعل كانت تنزل أحيانًا قطرات من البول لكثرة التوتر، فكنت أقطع الصلاة، وأدخل الحمام فورًا. وأذكر أني صرت أخلع سروالي قبل كل صلاة لمدة 3 سنوات.
فهل أعيد صلوات تلك السنوات؟ وصلوات السنوات التي قبلها ماذا أفعل فيها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا مجرد وهم، فلا تلتفتي إليه، ولا تعيريه اهتماما، ولا تبدلي ثيابك، أو تغسليها لمجرد الشك في تنجسها، فإن الأصل الطهارة.
وإن تيقنت يقينا جازما تستطيعين أن تحلفي عليه أنه قد خرج منك شيء، فالواجب عليك هو غسل الموضع المتنجس بصب الماء عليه، ولا يجب عليك تبديل ثيابك ولا خلعها، وإن خلعت ثيابك وصليت بالإسدال، فصلاتك صحيحة، ما دام ساترا للعورة، فإن الصلاة في الثوب الواحد جائزة إذا كان الثوب ساترا للعورة.
وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: أولكلكم ثوبان؟ متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأما إن كان هذا الثوب لا يستر جميع العورة، فلا تجزئ الصلاة فيه.
قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: (وَسُنَّ صَلَاةُ حُرَّةٍ) بَالِغَةٍ (فِي دِرْعٍ، وَهُوَ: الْقَمِيصُ، وَخِمَارٍ، وَهُوَ: غِطَاءُ رَأْسِهَا) الَّذِي يُدَارُ تَحْتَ حَلْقِهَا (وَمِلْحَفَةٍ) - بِكَسْرِ الْمِيمِ - (وَهِيَ: الْجِلْبَابُ) ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ عَائِشَةَ " أَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ فِي الْخِمَارِ وَالْإِزَارِ وَالدِّرْعِ، فَتُسْبِلُ الْإِزَارَ فَتُجَلْبَبُ، وَكَانَتْ تَقُولُ: ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا فِي الصَّلَاةِ إذَا وَجَدَتْهَا: الْخِمَارُ وَالْإِزَارُ وَالدِّرْعُ " وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَوْفَى عَوْرَةً مِن الرَّجُلِ (وَلَا تَضُمُّ ثِيَابَهَا) ، قَالَ السَّامِرِيُّ: (حَالَ قِيَامِهَا) (وَتُكْرَهُ) صَلَاتُهَا (فِي نِقَابٍ وَبُرْقُعٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِمُبَاشَرَةِ الْمُصَلّى بِالْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَيُغَطِّي الْفَمَ، وَقَدْ " نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلَ عَنْهُ " (وَيُجْزِئُ) امْرَأَةً (سَتْرُ عَوْرَتِهَا) ، قَالَ أَحْمَدُ: اتَّفَقَ عَامَّتُهُمْ عَلَى الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ، وَمَا زَادَ فَهُوَ خَيْرٌ وَأَسْتَرُ. انتهى
ثم إن كان خروج البول منك مستمرا، بحيث لا ينقطع زمنا يتسع لفعل الطهارة والصلاة، فأنت صاحبة سلس، وإلا فلا، وانظري الفتوى: 136434، والفتوى: 119395.
وأما ما مضى من صلوات، فإن كنت أخللت جاهلة بشيء من شروط الصلاة كالطهارة بأن لم تكوني صاحبة سلس، وتركت الوضوء لها، أو بستر العورة الواجب في الصلاة؛ ففي هذه المسألة خلاف، فيرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن من ترك شرطا من شروط الصلاة جاهلا لم تلزمه الإعادة، وانظري التفصيل في الفتوى: 125226.
وننبه إلى أن المالكية لا يوجبون التطهر من هذه القطرات، فمذهبهم فيها سهل، ولا حرج عليك في العمل بمذهبهم باعتبار ما مضى، وانظري الفتوى: 75637.
والله أعلم.