السؤال
هل يجوز أن أكذب على أبي؛ لأخفي عنه خروجي من الكلية؛ وذلك لما فيها من الفتن من اختلاط، وغيره؟ علمًا أن والدتي تعلم ذلك، ولكني أخفي عن أبي؛ لأني أعلم أنه سيغضب مني كثيرًا، وقد يضربني، مع أني حاولت مرارًا وتكرارًا أن أوضّح له أن الاختلاط حرام، وسبب في الكثير من الفتن، وقلت له: إني أريد طلب العلم الشرعي، فاستهزأ مني، وسفّه رغبتي، ودرست في هذه الكلية ما يقارب العام والنصف، وفيها ما فيها من أشياء، ولكني عقدت العزم على تركها خلال هذه الفترة -فترة كورونا-، مستغلاًّ الأوضاع الفوضوية، وأنا حاليًّا أبحث عن عمل، وأحاول طلب العلم على قدر طاقتي من المنزل. والله المستعان.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت لنا عدة فتاوى فيما يتعلق بالاختلاط في الجامعات، وأنه سبب لكثير من الفساد، وأنه لا تجوز الدراسة فيها إلا لضرورة، أو حاجة، فيمكن مطالعة الفتوى: 2523، والفتوى: 5310.
ولكن مهما أمكنك تحقيق رغبة أبيك في هذه الدراسة، فافعل لتبرّ به، وتجتنب أسباب الخلاف معه، فيمكنك أن تجتهد في البحث عن جامعة أخرى للدراسة فيها، أو تستمرّ في هذه الجامعة، مع اجتناب الاختلاط، وأسباب الفتنة قدر الإمكان، والحرص على صحبة بعض أهل الاستقامة، والاقتصار على حضور المحاضرات فقط، كما أوضحنا في الفتوى الأخيرة التي أحلناك عليها.
وإن كنت لا تأمن على نفسك الفتنة بالدراسة فيها، فحاول إقناع أبيك بالسماح لك بترك الدراسة فيها، ووسِّطْ إليه بعض أهل الخير، ومن ترجو أن يستجيب لقولهم.
وأما الكذب؛ فإنه محرم، لا يجوز المصير إليه إلا لضرورة، أو مصلحة معتبرة، كما بين أهل العلم، وراجع الفتوى: 111035.
ولا ندري ما مصلحة الكذب هنا إن كان أبوك سيطلع يومًا ما على تركك للجامعة.
وعلى كل؛ إن كانت هنالك مصلحة معتبرة شرعًا للكذب، جاز المصير إليه، كما بينا، ولكن ينبغي الاقتصار على التورية، واستخدام المعاريض ما أمكن؛ تفاديًا للكذب، فقد قال عمر -رضي الله عنه-: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
بقي أن نبين أن وسائل تحصيل العلم الشرعي قد أصبحت متيسرة في زماننا هذا، بحيث يستطيع المسلم تحقيق ذلك وهو في بيته؛ من خلال الإنترنت.
وفي موقعنا هذا قسم الصوتيات به عدد كبير من الدروس والمحاضرات لكثير من العلماء المشهورين في عصرنا، فيمكن الاطلاع على الرابط:
https://audio.islamweb.net/audio/
والله أعلم.