السؤال
أنا دائما أحاول أنتظم في الصلاة، لكن الأوقات لا تسمح لي، مثلا كنت طالبا في الثانوية، وكان عندي على الأقل درسان أو ثلاثة في اليوم طوال الأسبوع، ولما أرجع البيت لا يتبقى لي وقت إلا للنوم فقط.
وكنت ناويا أن أنتظم في الصلاة، لكن الجامعة بعيدة عن منزلي حوالي ٥٥ كم، تأخذ ساعتين للذهاب، وساعتين للرجوع، أخرج من السادسة صباحا، وأرجع بيتي السادسة مساء.
هل لي رخصة في جمع الصلوات في أيام الجامعة فقط؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك- أخي السائل- أن تحافظ على أداء الصلاة في وقتها المحدد لها شرعا، فإن الله تعالى جعل لكل صلاة وقتا تصلى فيه، وكما أنها لا تصلى قبله، فكذا لا تؤخر عنه، وقد قال عز وجل: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103}.
قال القرطبي: موقوتا مُنَجَّمًا، أي تؤدّونها في أنجمها؛ والمعنى عند أهل اللغة: مفروض لوقت بعينه. اهـ
وتأخير الصلاة عن وقتها أمر خطير، وذنب عظيم، متوعد صاحبه بالعذاب الأليم، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}. قال ابن عباس وسعد بن أبي وقاص ومسروق وغيرهم من السلف: يؤخرونها عن وقتها.
وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}. قال ابن مسعود ومجاهد وجماعة: إضاعتها: تأخيرها عن وقتها. اهـ.
وعن عبد الله بن مسعود {فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً} قال: واد في جهنم بعيد القعر, خبيث الطعم. اهـ
فاتق الله أخي السائل، وحافظ على صلاتك، ولا تحتج بالدراسة، ولا بغيرها، فكم من طالب يذهب إلى جامعته ومدرسته، ويجيء، ولم يكن ذلك سببا في التهاون في أداء الصلاة.
وأما جمع الصلاة؛ فإن كنت تعني أنك تجمع كل الصلوات عندما ترجع للبيت، فإن هذا لا يجوز، ولم يأت به الشرع، والجمع الذي جاء به الشرع في بعض الحالات هو الجمع بين الظهر والعصر تقديما أو تأخيرا، وكذا الجمع بين المغرب والعشاء تقديما أو تأخيرا.
وأما الجمع بين العصر والمغرب مثلا، فهذا لا يجوز، ولا نرى أن حالتك تستدعي الجمع المشروع، والمسافة التي ذكرتها ليست مسافة سفر، فصل كل صلاة في وقتها؛ سواء في الجامعة، أو في أي مكان؛ إذ لا يشترط للصلاة أن تكون في مسجد، أو في البيت، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، فَلْيُصَلِّ. متفق عليه.
فالأرض كلها مسجدٌ، يجوز لك أن تصلي في أي مكان منها.
والله أعلم.