الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من كفّر عن يمينه بالصيام ثم تبيّن له أنه كان قادرًا على الإطعام

السؤال

كان عليَّ كفارة يمين، ولم يكن عندي مال لكي أطعم عشرة مساكين، سوى مال أعطاه لي أبي لغرض معين، فاستفتيت بعض العلماء، وأخبروني أن أصوم ثلاثة أيام، فصمتها -ولله الحمد-، وبعد أن أنهيت صيام الثلاثة الأيام، اكتشفت أثناء مكالمة مع عمّتي أنه لديَّ أرزًا في بيتهم لا زال باقيًا، كنت أستعمله لإخراج كفارات أخرى، لكني لم أعرف أن هذا الأرز موجود إلا بعد الانتهاء من الصيام، وهذا الأرز ملك لي، كنت اشتريته لإخراج كفارات أخرى، لكني الآن موجود في بلد آخر مع والدي، ونسيت أن هذا الأرز مازال موجودًا، فهل يجزئ عني هذا الصيام، أم يجب أن أخرج الكفارة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الكفارة بالصيام لا تُجزئ إلا لمن عجز عن التكفير بإحدى الخصال الثلاثة الوارد في القرآن الكريم التخيير فيها، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، ومن لم يجد شيئًا من هذه الثلاثة، فهو الذي ينتقل إلى صوم ثلاثة أيام، قال الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ {المائدة:89}.

وبناء على ذلك؛ فإذا تبيَّن في حقيقة الأمر أنك كنت قادرًا على الإطعام في كفارة اليمين، لكنك كنت ناسيًا، فلا يجزئك الصوم الذي أقدمتَ عليه، بل يجب عليك الآن إخراج الإطعام عن كفارة يمينك، جاء في الجوهرة النيرة للعبادي: ولو صام عن كفارة يمينه، وفي ملكه عبده قد نسيه، أو طعام قد نسيه، ثم تذكّر بعد ذلك، لم يُجْزِه الصوم بالإجماع؛ لأن الله تعالى قيّد ذلك بعدم الوجود، وهذا واجد. اهـ

وقال الحصكفي في الدر المختار: ولو صام ناسيًا للمال، لم يُجزِ، على الصحيح. اهـ.

وإن كان والدك قد شرط عليك صرف المبلغ الذي يعطيك في غرض معين؛ كالدراسة مثلًا، فلا يجوز لك التصدّق منه؛ ولا إخراج الكفارة؛ لما في ذلك من مخالفة شرط الواهب.

وراجع المزيد في الفتوى: 189003، وهي بعنوان: "حكم صرف الموهوب له المال في غير ما حدده الواهب".

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني