السؤال
صديق لي قام بحجز كمية من الأسمنت من شركة لتصنيع وبيع الأسمنت في شكل فاتورة مبدئية، ولكنه لا يستطيع دفع قيمة الفاتورة ويريد أن يبيع الأسمنت للاستفادة من فارق السعر بين الشركة والسوق الخارجية -السوق الموازية- فعرض الفاتورة للبيع واشتريتها منه بسعر السوق وقتها، وكان علي الانتظار مدة ثمانية أشهر حتى تفي الشركة بالكمية المطلوبة، ثم قمت ببيع الكمية وربحت فيها، فما مدى مشروعية ذلك، وماذا علي أن أفعل في حالة عدم مشروعية الصفقة، والسؤال بشكل عام: ما مدى مشروعية شراء البضائع وبيعها في شكل فواتير دون أن تكون البضاعة حاضرة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المعاملة التي قام بها صديقك مع الشركة المذكورة إما أن تكون استصناعاً وهو أن يطلب إنسان من آخر شيئاً لم يصنع بعد ليصنع له طبق مواصفات محددة بمواد من عند الصانع مقابل عوض مالي، وهذه المعاملة جائزة من حيث الجملة، وللعلماء فيها تفاصيل ذكرناها في الفتوى رقم: 11224.
وعلى فرض أن ما قام به صديقك استصناع فإن بيعه للمستصنع فيه قبل قبضه لا يجوز لأنه مبيع لم يقبض، جاء في تحفة المحتاج: ولا يصح بيع المثمن الذي في الذمة نحو المسلم فيه ولا الاعتياض عنه قبل قبضه بغير نوعه لعموم النهي عن بيع ما لم يقبض ولعدم استقراره... انتهى.
وإما أن تكون هذه المعاملة التي تمت بين صديقك والمصنع بيعاً ولكن لم ينقد المشتري الثمن للبائع ولم يقبض المبيع، فيكون بيع صديقك لك بيع ما لم يقبض، وقد سبق حكم بيع ما لم يقبض في الفتوى رقم: 9325.
وإما أن لا تكون المعاملة تلك استصناعاً ولا بيعاً وإنما مواعدة بالشراء، فيكون صديقك باع لك ما لا يملك، وبيع ما لا يملك حرام بالاتفاق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبع ما ليس عندك. رواه الترمذي.
وعلى كل حال فإن البيع الفاسد المتفق على فساده لا ينعقد أصلاً ويرد المشتري السلعة والبائع الثمن، فإذا فاتت السلعه رد المشتري قيمتها والبائع الثمن، جاء في مختصر خليل المالكي: فإن فات المبيع مضى المختلف فيه بالثمن وإلا (غير المختلف فيه) ضمن قيمته حينئذ (أي حين القبض). انتهى.
والله أعلم.