السؤال
زوج عاند زوجته وعلق طلاقها على فعل أمرٍ ما بدون علمه، ثم بعد مدة تراجع عن اشتراط علمه، وأذن لها أن تفعل ذلك الأمر دون إذنه متى شاءت.
وأعلم أن جمهور أهل العلم على أن الزوج إذا علّق طلاق زوجته على شرط، فإنه لا يملك التراجع عنه، وإذا تحقق شرطه طلقت زوجته، سواء قصد الزوج إيقاع الطلاق، أم قصد مجرد التهديد، أو التأكيد، أو المنع.
وأن بعض أهل العلم ومنهم ابن تيمية -رحمه الله- على أن الزوج إذا قصد إيقاع الطلاق عند حصول المعلق عليه، فله أن يتراجع عن التعليق، ولا شيء عليه.
لكن على الأخذ بقول الجمهور -وبعد أن أذن لها زوجها أن تفعل ذلك الأمر دون علمه- لأنه يشق أو يتعذر عليها إعلامه في كل مرة-، هل يوجد حرج في أن تفعل ما علق على فعله الطلاق دون علمه، ثم أذن لها بفعله متى شاءت دون علمه؟
وهل تعذر المرأة في حال فعل ما علق عليه الطلاق نسياناً منها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن علّق طلاق زوجته على فعل شيء دون علمه؛ ثمّ أذن لها في فعله متى شاءت، فقد انحلت يمينه، ولا يقع طلاقه إذا فعلت هذا الشيء من غير علمه.
جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع: إِذَا قال: إِنْ خَرَجْتِ بَغَيْرِ إِذْنِي، أَوْ إِلاَّ بِإِذْنِي، أَوْ حَتَّى آذَنَ لَكِ، أَوْ إِنْ خَرَجْتِ إِلَى غَيْرِ الحَمَّام بِغَيْرِ إِذْنِي؛ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ مَرَّةً بِإِذْنِهِ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَعْلَم، أَوْ خَرَجَتْ تُرِيدُ الحَمَّامَ وَغَيْرَهُ، أَوْ عَدَلَتْ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ طَلَقَتْ فِي الكُلِّ. لاَ إِنْ أَذِنَ فِيهِ كُلَّمَا شَاءَتْ، ......
قوله: «لا إن أذن فيه كلما شاءت» فإذا قال لها: أذنت لك في الخروج كلما شئت، انحلت اليمين في كل وقت. انتهى.
وإذا كان علّق الزوج الطلاق على فعل زوجته شيئاً؛ ففعلته ناسية؛ فالراجح عندنا عدم وقوع الطلاق.
قال في غاية البيان شرح زبد ابن رسلان: ولو علق بفعل نفسه كإن دخلت الدار، ففعل المعلق به ناسيًا, أو جاهلًا أنه هو, أو مكرهًا لم تطلق, أو بفعل غيره ممن يبالي بتعليقه لصداقة أو نحوها, وعلم به, أو لم يعلم, وقصد إعلامه به, وفعله ناسيًا أو مكرهًا أو جاهلًا لا يقع الطلاق. انتهى.
وراجعي الفتوى: 195387
والله أعلم.