السؤال
يوجد عندنا في المنطقة عائلة سمعتهم سيئة. وفي يوم انتشرت قصة أن إحدى فتيات هذه العائلة قد وقعت في الزنا. وللأسف أمي تحدثت عنها.
فهل يعتبر ذلك من قذف المحصنات أم غيبة؟
وهل إذا أرادت الاعتذار من الفتاة، يجب أن تخبرها بالتفصيل ما قد قالت، أم يكفي أن تخبرها أنها تكلمت عنها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز اتهام مسلمة بالفاحشة من غير بينة شرعية ظاهرة، إذ قد شدّد الشرع في أمر الأعراض، وجعل الخوض فيها بغير حق من أكبر الكبائر.
فإن كانت أمك قد تكلمت برمي هذه الفتاة بالزنا، وكانت الفتاة غير مجاهرة بالفواحش؛ فقد وقعت أمك في القذف.
والواجب عليها التوبة إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه.
وإن لم يثبت الزنا بالأدلة الشرعية التي يثبت بها على هذه الفتاة، فيجب على أمك أن تكذب نفسها عند من تحدثت معهم بقذف هذه الفتاة.
قال ابن القيم في مدارج السالكين: وَلِذَلِكَ كَانَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاذِفِ إِكْذَابُهُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ ضِدَّ الذَّنْبِ الَّذِي ارْتَكَبَهُ، وَهَتَكَ بِهِ عِرْضَ الْمُسْلِمِ الْمُحْصَنِ. فَلَا تَحْصُلُ التَّوْبَةُ مِنْهُ إِلَّا بِإِكْذَابِهِ نَفْسَهُ؛ لِيَنْتَفِيَ عَنِ الْمَقْذُوفِ الْعَارُ الَّذِي أَلْحَقَهُ بِهِ بِالْقَذْفِ، وَهُوَ مَقْصُودُ التَّوْبَةِ. انتهى.
وإذا كانت أمك تستطيع أن تخبر هذه الفتاة، وتتحلل منها من غير أن يتسبب ذلك في إيقاع العداوة والبغضاء بينهما، فإنه يتعين عليها أن تخبرها بذلك بالتفصيل وتتحللها.
وأما إن كان في إخبارها بذلك ضرر، وإيقاع للعداوة والبغضاء، فإن على أمك أن تستغفر الله -عز وجل- وتسأله العفو والصفح وتكثر من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية، قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}.
وعليها أن تذكر من قذفتها بما فيها من خير، لا سيما في الموضع الذي سبق أن نالت من عرضها فيه، وأن تدعو لها بظهر الغيب وتستغفر لها، وانظري الفتويين: 111563، 374659.
والله أعلم.