السؤال
لدي سؤال بارك الله فيكم، وجعلكم من أهل الفردوس الأعلى.
لقد قرأت حديث: لَا يحلُّ لمسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَياَلٍ.
وقرأت هذا الحديث فأرعبني: لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ، دَخَلَ النَّارَ.
فما المقصود بالهجر؟ وكيف أتكلم مع أكثر من 100 شخص من المعارف كل ثلاثة أيام، فيشق أن أصلهم. وهذا فضلا عن أن الناس لا يتحملون أن يتكلم معهم الناس كل ثلاثة أيام.
وهل إذا كانت لدي علاقه مع شخص ما، وأتكلم معه كل شهرين؛ لانشغالي وانشغاله بعائلته وأولاده وزوجته عن هذه الحياة. هل هذا هجر؟
أرجو الرد على السؤال، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود من الهجر في الحديث المشار إليه. هو أن يهجر المرء لقاء أخيه قصدا للبعد عنه وقطيعة له، وأن يرفض السلام عليه إذا لقيه.
وليس كما فهمت من أن المقصود بالهجر ألا يلتقي بمعارفه وإخوانه في ثلاثة أيام أو أقل؛ لعارض ما كانشغال، أو بعد ونحوه؛ بل المقصود بالهجر قصد القطيعة، والإصرار على عدم السلام عليه والإعراض عنه عند لقائه.
جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال بيان معنى الهجر المحرم، فقال: هو: ترك الرجل كلام أخيه مع تلاقيهما، واجتماعهما، وإعراض كل واحد منهما عن صاحبه مصارمة له، وتركه السلام عليه. وذلك أن من حق المسلم على المسلم إذا تلاقيا أن يسلم كل واحد منهما على صاحبه، فإذا تركا ذلك بالمصارمة، فقد دخلا فيما حظر الله، واستحقا العقوبة إن لم يعف الله عنهما...انتهى. ثم ذكر ما مقتضاه أنه ليس من الهجر المحرم المنهي عنه، ما لو كان المرء في بلدة وأخوه في أخرى لا يلتقيان بسبب البعد، فلا يدخل ذلك في الهجر، ولا يأثمان بعدم الاجتماع وإن مرت أعوام كثيرة.
وبهذا يتضح لك معنى الهجر المنهي عنه في الحديث، وإن ما ذكرته في السؤال مما كنت قد فهمته، ليس هو المقصود.
والله أعلم.