السؤال
قرأ الإمام في التراويح سورة ص، وعندما وصل لموضع سجدة الشكر، سجد هو والمصلون، وفارقته أنا، وأكملت الصلاة وحدي؛ وذلك لأني أعرف أن سجدة الشكر تبطل الصلاة، فأنكر عليّ الإمام ذلك، وقال: إنه لا يجوز لي أن أفارق الإمام، حتى وإن أخطأ، وقال: إن سجدة ص يجوز السجود لها في الصلاة حسب المذهبين الحنفي، والمالكي، فهل ما يقوله هو الصحيح الراجح، أم إن مفارقتي له هي الصحيحة الراجحة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالسجود في سورة ص، محل خلاف بين العلماء، ومذهب الشافعية، والحنابلة أنه لو سجد لها في الصلاة، أبطلها؛ لأنها سجدة شكر.
وإذا كنت تقلد من يرى هذا المذهب، فكان الأولى لك ألا تفارق الإمام، ولكن لا تسجد، وتنتظر؛ حتى يرفع من سجوده، ثم تتابعه في سائر صلاته؛ لأن فعله اجتهادي، وهو مشروع، لا تبطل به صلاته، عند كثير من العلماء.
وقد نص الشافعية -وهم يقولون بالقول الذي تقلده- على أن من صلى خلف حنفي، ونحوه من يعتقد صحة الصلاة؛ فإن الأولى له أن ينتظره حتى يقوم من سجوده ثم يتابعه، وإن فارقه جاز، قال قليوبي في حاشيته: وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَةُ إمَامِهِ غَيْرِ الْحَنَفِيِّ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَهُ انْتِظَارُ إمَامِهِ الْحَنَفِيِّ؛ لِأَنَّهُ لِاعْتِقَادِهِ لَهَا كَالسَّاهِي، وَهُوَ أَفْضَلُ. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فالمسألة من موارد الاجتهاد.
وما فعلته سائغ عند كثير من أهل العلم، فلم يكن لهذا الإمام أن ينكر عليك؛ لأن مسائل الخلاف لا إنكار فيها، بل يسع كل أحد أن يعمل بما يراه صوابًا، أو يقلد من يوثق بقوله من العلماء، وذمّته بريئة بذلك.
والله أعلم.