السؤال
قرأت في تفسير سورة الأعلى، الجملة التالية: قال الجمل: أي: نزه ربك عن كل ما لا يليق به، في ذاته، وصفاته، وأسمائه، وأفعاله، وأحكامه: أما في ذاته: فأن تعتقد أنها ليست من الجواهر والأعراض. وأما في صفاته: فأن تعتقد أنها ليست محدثة، ولا متناهية، ولا ناقصة.
وأما في أفعاله: فأن تعتقد أنه -سبحانه- مطلق لا اعتراض لأحد عليه في أمر من الأمور.
وأما في أسمائه: فأن لا تذكره -سبحانه- إلا بالأسماء التي لا توهم نقصًا بوجه من الوجوه.
وأما في أحكامه: فأن تعلم أنه ما كلفنا لنفع يعود عليه، بل لمحض المالكية، فما معنى: فأن تعتقد أنها ليست من الجواهر والأعراض؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن الكلام المذكور نقلتَه من كتاب: التفسير الوسيط للقرآن الكريم، لمؤلفه محمد سيد طنطاوي، وهو نقله بحروفه من حاشية الجمل على تفسير الجلالين، وهذا بدوره أخذه من تفسير الرازي المسمى: "مفاتيح الغيب".
ومصطلحا الجوهر والعرض، من المصطلحات الحادثة التي لم ترد في الكتاب، ولا في السنة، وإنما يكثر استعمالها في كتب الفلاسفة والمتكلمين.
ويطلقون لفظ الجوهر على ما هو قائم بنفسه، ولفظَ العرض على ما هو قائم بغيره، ويقسمون كل واحد منهما إلى أقسام، وقد بين الرازي نفسه المقصود بهذين المصطلحين، فقال في كتابه: معالم أصول الدين: الْمُمكن إما أَن يكون: قَائِمًا بِنَفسِهِ.
أَو قَائِمًا بِغَيْرِهِ.
والقائم بِنَفسِهِ إِمَّا أَن يكون متحيزًا، أَو لَا يكون متحيزًا.
والمتحيز إِمَّا أَن لَا يكون قَابلًا للْقِسْمَة، وَهُوَ الْجَوْهَر الْفَرد.
أَو يكون قَابلا للْقِسْمَة، وَهُوَ الْجِسْم.
والقائم بِالنَّفسِ الَّذِي لَا يكون متحيزًا، وَلَا حَال فِي المتحيز، هُوَ الْجَوْهَر الروحاني...
وَأما الْقَائِم بِالْغَيْر، فَهُوَ الْعرض. فَإِن كَانَ قَائِمًا بالمتحيزات، فَهُوَ الْأَعْرَاض الجسمانية، وَإِن كَانَ قَائِمًا بالمفارقات، فَهُوَ الْأَعْرَاض الروحانية. اهــ. مختصرًا. ولمزيد فائدة، راجع الفتوى: 174139.
ونحن نوصيك بعدم الاشتغال بمثل هذه التفاسير التي تستعمل مثل هذه المصطلحات، ما دمت لا تملك من العلم ما يمكنك من تمييز الخطأ من الصواب.
واشتغل بكتب التفسير السهلة العبارة، الخالية من كلام الفلاسفة، كتفسير ابن كثير، وابن جرير الطبري.
والله أعلم.