السؤال
أود الاستفسار عن عملية تأجير الكتب، فهل يجوز لي تأجير "أو استئجار" الكتب بمقابل مالي، مثلا أن أعطي الكتاب للمستفيد مقابل مبلغ مالي محدد عن كل يوم يبقى فيه الكتاب عنده، وذلك تسهيلا للمستفيد الذي يمكنه ذلك من قراءة عدة كتب بثمن كتاب واحد، وكذلك هل يجوز قبض مبلغ مالي مقدما "كاشتراك" يمكن المستفيد من الدخول للمكتبة وقراءة ما يشاء طوال فترة الاشتراك، ويحسب عليه المبلغ سواء قرأ شيئا أو لم يقرأ فذلك متعلق به، أود من حضرتكم شرحا مفصلا للموضوع، كما أرجو أن يوضح الرد تبعا لآراء المالكية، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذهب المالكية إلى كراهة إجارة الكتب المتعلقة بالعلوم الشرعية كالفقه ونحوه وكذا بيعها، قال خليل في مختصره: وتعليم فقه وفرائض كبيع كتبه. انتهى.
ومقصوده كراهة أخذ أجرة على تعليم الفقه ونحوه من العلوم الشرعية كما يكره بيع الكتب المشتملة عليها، وقال الدسوقي في حاشيته: كبيع كتبه وكذا إجارتها، اللخمي: اختلف في الإجارة على كتب العلم وفي بيع كتبه ولا أرى أن يختلف اليوم في جواز ذلك لأن حفظ الناس وأفهامهم الآن نقصت، فلو بقي العالم بلا كتب لذهبت رسوم العلم. انتهى.
أما تأجير المكتبة لمن يطالع الكتب فيها مدة معينة فجائز ولو لم يقم المستأجر بالمطالعة، بشرط تمكنه من الانتفاع بها وعدم وجود مانع يمنعه من استيفاء حقه، قال الشيخ الدردير في شرحه لمختصر الشيخ خليل: ولزم الكراء بالتمكن من التصرف في العين التي اكتراها من دابة أو أرض أو غير ذلك وإن لم يستعمل. انتهى.
وتعجيل الأجرة مطلوب إذا كانت معينة أو شرط تعجيلها أو جرت العادة بذلك، قال الدردير أيضاً: وعجل الأجر بتعيينه أو بشرط عادة بأن كان العرف أو العادة التعجيل، وسواء كانت المنافع معينة أو مضمونة شرع فيها أم لا، فهي صحيحة في هذه الأربع. انتهى.
وعليه؛ فالمالكية يكره عندهم إجارة الكتب المتعلقة بالعلوم الشرعية فقط، ولكن الإمام اللخمي يرى جوازها من غير كراهة وهو الحق، لكنهم كانوا يكرهون بيعها أيضاً وما أظن عاقلا الآن يمكن أن يكره ذلك، هذا إضافة إلى أن العلة التي ذكرها اللخمي وهي قلة الحفظ أشد الآن، فقد انضاف إلى قلة الحفظ عدم الاعتناء بعلوم الشرع، ولا بأس باستئجار المكتبة مدة معينة لمن يطالع فيها مع تمكينك إياه من ذلك ولو لم يقم بالمطالعة.
والله أعلم.