السؤال
أبي طلق أمي منذ سنين طويلة، وتزوج بعد طلاقه. وأتوقع أن عنده أولادا، وهو لم يخبرني أي شيء لا عن زواجه، ولا عن أطفاله. وبالصدفة عرفت أن لديه أطفالا.
هل أعتبر قاطعة لرحمي إذا لم أسأل عن إخوتي من أبي، وأنا لا أعرفهم أصلا، وعلاقتي مع أبي فقط أني أحاول أن أبره، وأسلم عليه كل فترة، وأسأل عنه، وأقول له: صباح الخير، في الهاتف. وليس كعلاقة أب بابنته، فأنا عشت فترة طويلة من حياتي وأنا طفلة كنت لا أتحدث معه أبدا إلا عندما يطلبني لزيارته، ويأتي ليأخذني لرؤية عائلة أبي، وأجلس معهم قليلا، ثم يرجعني إلى البيت عند أمي. وهذا ما كنت معتادة عليه في طفولتي، فكبرت كأنه ليس لي أب، كأني يتيمة. ولكن عندما هداني الله، أصبحت أسأل عن أبي في الهاتف كل فترة، وأقول له: صباح الخير، أحيانا يوميا، وأحيانا أسبوعيا وهكذا على حسب قدرتي، فأنا لست معتادة على أن أسأل عن أبي في الأصل.
فسؤالي هو: هل يجب علي أي شيء من ناحية إخوتي من أبي، يعني هل يجب علي أن أسأل أبي: لماذا لم يخبرني عنهم؟ فأنا أحرج كثيرا منه كما أخبرتكم، ولست معتادة عليه.
فهل يجب أن أخبر أبي أني علمت أن لي إخوة منه، وأن أسأل عنهم؟ أم يحل لي أن أبقى كما أنا، أسأل عن أبي فقط، وأترك هذا الأمر إلى أن يشاء الله، ويخبرني أبي عن إخوتي، أنا لا أعرف عنهم أي شيء حتى أسماءهم لا أعرفها؟
ملخص السؤال: هل يجب علي أن أخبر أبي أني علمت أن لي إخوة منه، أم يحل لي ألا أتحدث عن الموضوع كأني لم أعلم، وأترك الموضوع إلى أن يشاء الله، ويخبرني أبي عنهم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكرك في البدء على حرصك على البر بأبيك، والتواصل معه، وتفقد حاله. فجزاك الله خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتك ووفقك إلى نيل رضا أبيك؛ لتنالي بذلك رضا الله تعالى، فقد ثبت في سنن الترمذي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب، في رضا الوالد....الحديث.
وبخصوص ما سألت عنه مما يتعلق بإخوتك من أبيك: فإذا علمت أن لك إخوة من الأب، وثبت عندك ذلك. فالواجب عليك السؤال عنهم؛ لتتمكني من القيام بما يجب تجاههم من الحقوق كالصلة ونحوها، وقد حث الشرع على معرفة النسب الذي تحصل به الصلة، كما في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم.... الحديث.
قال ابن حجر في بيان ما يجب تعلّمه من النسب: وَأَنْ يَعْرِف مَنْ يَلْقَاهُ بِنَسَبٍ فِي رَحِم مُحَرَّمَة؛ لِيَجْتَنِب تَزْوِيج مَا يَحْرُم عَلَيْهِ مِنْهُمْ. وَأَنْ يَعْرِف مَنْ يَتَّصِل بِهِ مِمَّنْ يَرِثهُ، أَوْ يَجِب عَلَيْهِ بِرّه مِنْ صِلَة أَوْ نَفَقَة أَوْ مُعَاوَنَة.... اهـ.
والصلة، وسائلها كثيرة، والمرجع فيها إلى العرف.
جاء في إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين: وصلة الرحم، أي: القرابة، مأمور بها أيضًا، وهي فعلك مع قريبك ما تعد به واصلًا، وتكون بالمال، وقضاء الحوائج، والزيارة، والمكاتبة، والمراسلة بالسلام، ونحو ذلك. اهـ.
ولا يجب عليك أن تسألي أباك عنهم، أو أن تخبريه بعلمك بذلك. فيمكنك سؤاله أو سؤال غيره.
وأما إخبارك إياه بمعرفتك بأن لك إخوة، أو عدم إخبارك إياه إلى أن يأتي الوقت المناسب. فانظري فيه إلى وجه المصلحة، والعمل بمقتضى ذلك.
والله أعلم.