السؤال
امرأة متزوجة حديثًا، وعليها دَين كبير قبل الزواج، ولم تخبر زوجها، وتريد أن تسدده دون علمه، فهل من مانع لو استعانت بأقربائها وصديقاتها؛ لإعانتها في ردّه دون إخباره؟ وهل لها حق في أموال الزكاة؟
امرأة متزوجة حديثًا، وعليها دَين كبير قبل الزواج، ولم تخبر زوجها، وتريد أن تسدده دون علمه، فهل من مانع لو استعانت بأقربائها وصديقاتها؛ لإعانتها في ردّه دون إخباره؟ وهل لها حق في أموال الزكاة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن سؤال الناس أموالهم، لا يجوز، إلا من ضرورة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المسألة كدٌّ يكدّ بها الرجل وجهه؛ إلا أن يسأل الرجل سلطانًا، أو في أمر لا بد منه. رواه النسائي، والترمذي، وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني.
والرجل والمرأة في هذا الحكم سواء، قال أبو حامد الغزالي في الإحياء: السؤال حرام في الأصل، وإنما يباح بضرورة، أو حاجة مهمة قريبة من الضرورة، فإن كان عنها بدٌّ، فهو حرام. انتهى.
لكن إن لم يكن لدى هذه المرأة من المال، أو من المقتنيات ما تسدد به الدَّين؛ فلا مانع من استعانتها بالأقارب والصديقات في سداد الدَّين الذي عليها، فقد أخرج مسلم في صحيحه، من حديث قبيصة بن مخارق الهلالي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المسألة لا تحلّ إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمّل حمالة، فحلّت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك.. الحديث.
ولا مانع أن تستعين بمن ذكروا في قضاء دَينها دون إخبار زوجها، وقد ذكرنا في الفتوى: 295159 أنه لا يلزم الزوج قضاء دَين زوجته، طالما كان دَينها خاصًّا بها، ولم يكن بسبب إهماله في النفقة الواجبة عليه شرعًا.
كما يحقّ لهذه المرأة أن تأخذ من مال الزكاة لقضاء ديونها؛ فإن المدين العاجز عن وفاء دَينه، يحلّ له الأخذ من الزكاة، ويحلّ له سؤالها، جاء في المغني لابن قدامة -في ذكر المستحقين للزكاة -: (والغارمين) وهم المدينون العاجزون عن وفاء ديونهم، هذا الصنف السادس من أصناف الزكاة، ولا خلاف في استحقاقهم، وثبوت سهمهم، وأن المدينين العاجزين عن وفاء ديونهم منهم. انتهى.
وفي كشاف القناع: (وَمَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ) قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: مِنْ زَكَاةٍ، وَصَدَقَةِ تَطَوُّعٍ, وَكَفَّارَةٍ, وَنَذْرٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ (أُبِيحَ لَهُ سُؤَالُهُ) لِظَاهِرِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: {لِلسَّائِلِ حَقٌّ، وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ}، وَلأَنَّهُ يَطْلُبُ حَقَّهُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ (وَيَحْرُمُ السُّؤَالُ) أَيْ: سُؤَالُ الزَّكَاةِ، أَوْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ, أَوْ الْكَفَّارَةِ، وَنَحْوِهَا (وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ) أَيْ: يَكْفِيهِ; لأَنَّهُ لا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُمَا إذَنْ، وَوَسَائِلُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ. اهـ. باختصار.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني