السؤال
أنا فتاة جامعية، تواجهني مشكلة الموازنة بين العبادة وحياتي في العموم، بمعنى أنه يمكن أن تصل مدة صلاة الظهر إلى أكثر من نصف ساعة؛ وهذا لا يزعجني، بل أشعر بالراحة جدًّا، ولكني قرأت حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجب عليَّ الاعتدال في كل شيء.
وعندما تطول مدة صلاتي -كل الصلوات- أجد أنني أقصّر في أشياء أخرى، بالإضافة إلى أنني لا أفعل شيئًا آخر في حياتي، فهي فارغة، وأخشى أن يؤثر ذلك على علاقتي مع الله، أو أن يحدث ملل من العبادة على المدى البعيد، فكيف يحدث التوازن؟ وكيف لا أجعله يؤثر على عبادتي؟
أنا أشعر أني خاشعة، ومركّزة في الصلاة أكثر عندما تكون أطول، فكيف تكون مدتها معقولة، وأحقق الخشوع فيها دون أن تطول كثيرًا، وتكون سببًا في حدوث الملل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصًا على الخير، ورغبةً فيه.
ثم اعلمي أن أحب الأعمال إلى الله أدومها، وإن قلّ؛ فعليك أن تأخذي من العبادة ما تطيقين، بحيث لا تسأمه نفسك وتتركه فيما بعد، ثم تزيدين في ذلك تدريجيًّا شيئًا فشيئًا؛ حتى ترتاض نفسك بالطاعة، وتؤدّي العبادة بطِيب نفس، وانشراح صدر.
ثم عليك أن تعرفي ما يناط بك من مهام، بحيث لا يخل شيء منها بشيء آخر، ولا تؤثر وظيفة ما على وظيفة أخرى.
فأما الواجبات من الصلوات الخمس، ونحوها؛ فلا جدال في وجوب تقديمها على كل شيء:
فإن كان تطويل الصلاة يؤثّر على واجب آخر، أو سنة آكد من ذلك؛ كالجدّ في الدراسة الذي هو برّ لوالديك، وطاعة لهما، ونحو ذلك؛ فقدّمي الأولى والأهم.
وحيث لا تعارض؛ فأطيلي في صلاتك بالقدر الذي تستطيعين المداومة عليه -كما ذكرنا-.
وخذي من النوافل ما تطيقين وتقدرين على المواظبة عليه، ثم زيديه شيئًا فشيئًا.
وبالجملة؛ فعليك أن تنظّمي وقتك؛ فتبدئي يومك بصلاة الفجر، ثم ذكر الله تعالى، ثم تحددين ما يلزمك فعله -من المذاكرة، وغيرها من واجبات البيت-، وتقسمينه على الأوقات.
وما فضل؛ فإنك تصرفينه لما شئت من المباحات، أو نوافل العبادات، بعد الحفاظ على الفرائض وتقديمها على كل ما عداها.
والذي يسهل عليك هذا كله؛ الاستعانة بالله، واللجأ إليه، والضراعة له بأن يعينك على تنظيم وقتك، واستغلاله بالكيفية المثلى.
والله أعلم.