السؤال
كان الإمام راكعًا، فكبّرت تكبيرة الإحرام، ثم هويت للركوع، لكن الإمام رفع قبل أن أركع، فقلت: إني لم أدرك الركعة، فرجعت إلى الاعتدال، وعندما سجد الإمام، سجدت معه، فهل صلاتي صحيحة؟ فيغلب على ظني أني سبقت الإمام في الاعتدال، أي أني رجعت إلى الاستواء قائمًا قبل أن يستوي هو قائمًا، كما أنه قبل أن أكبّر تكبيرة الإحرام كان يغلب على ظني أن الركعة ستفوتني، ومع ذلك لم أنتظر حتى يرفع الإمام من الركوع، بل دخلت الصلاة مباشرة، ثم فاتتني الركعة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي سؤالك نوع غموض؛ إذ كيف ركعت بعد رفع الإمام، ثم تشك في أنك رفعت قبله؟
وعلى فرض كونك أدركت الإمام راكعًا بأن ركعت، وهو ما يزال راكعًا، ورفع قبل أن تطمئن أنت في ركوعك؛ فقد أدركت الركوع معه، قال الدردير: ويعتد بتلك الركعة متى انحنى قبل اعتدال الإمام. انتهى. ونذكر لك هنا مذهب المالكية؛ إذ هو الشائع ببلدك.
وعلى فرض كونك لم تدرك الإمام في الركوع حين انحنيت، بل رفع رأسه حال هويك للركوع، فهل ترجع معه قائمًا، أو تبقى منحنيًا؛ حتى تذهب معه للسجود؟ ذكر الحطاب المالكي في مواهب الجليل أن الشيخ زروق في شرح الإرشاد قال: ولو تحقق أن إدراكه بعد رفع رأسه، لم يعتد بتلك الركعة اتفاقًا، قالوا: ولا يرفع رأسه، بل يهوي لسجوده منه بعد إمامه، فإن رفع فحكى الزهري في شرح قواعد عياض عن ابن القاسم الجزيري صاحب الوثائق أنه حكى البطلان، وعزاه لمالك.
ولكن القول بالمتابعة وعدم البطلان أقوى؛ ولهذا قال الحطاب أيضًا عن ابن عبد السلام: الحق أنه يرفع موافقة للإمام. انتهى.
وعلى هذا؛ فصلاتك صحيحة، ولا يضرّها متابعتك للإمام في قيامه للركوع، إن كنت لم تدرك الركوع معه، وسبقك له إلى القيام هنا، لا يضرّ صلاتك أيضًا.
والظاهر من السؤال أن لديك وسوسة في هذا الباب، فإن كان كذلك؛ فأعرض عنها متى ما عرضت لك، ولا تلتفت إليها؛ فذلك من أنفع ما تعالج به.
والله أعلم.