السؤال
لوالدتي أخت من والدها، تسكن في القرية التي منها والدتي، ونحن نعيش في بلاد أخرى غير بلادنا، أو غير القرية. وهذه الخالة لا أذكر أنني تحدثت معها في الهاتف، ولا أعرف الكثير عنها، ولا أتواصل معها، ولا أدري إذا كانت تنظر لنا بنظرة قاطعي الرحم؛ لأنني فعلا لا أعرف الكثير عنها. وليس عندي رقم لها أصلا.
فهل يجوز لي إذا ذهبت إلى القريه زيارتها، ولا أكون قاطعا للرحم؟ أم يجب أن أبحث عن رقم هاتفها؟
قيل لي: إن خالي يتواصل معها، لكن أشعر بالحرج إذا طلبت منه الرقم. فهم يظنون أني لا أعرفها، فلماذا أطلبه؟ ولا أدري إذا كنت سأجده عند شخص آخر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالخالة من الرحم التي تجب صلتها، وتحرم قطيعتها، كما سبق بيانه في الفتوى: 123691.
فإذا قُدِّر لك السفر إلى بلدكم، وزُرْتَها، فالزيارة نوع من الصلة، ولكن لا تنتظر حتى يتيسر لك السفر، وتتمكن من زيارتها، فالصلة لا تقتصر على الزيارة، فلها وسائلها المتعددة، بل كل ما عده الناس صلة عرفا؛ كان صلة، كما ذكر أهل العلم.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وأما صلة الرحم: فهي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة والسلام، وغير ذلك. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارا أو فجارا، فمقاطعتهم في الله هي صلتهم، بشرط بذل الجهد في وعظهم، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى . اهـ.
والاتصال الهاتفي نوع من الصلة، ولا يتعين لتحقيق ذلك الحصول على رقمها، ونحسب أن الأمر هَيِّنٌ في كونك تأخذ رقمها من خالك أو غيره، أو تتصل عليها عبر هاتف شخص آخر، فهَوِّن الأمر على نفسك، وتواصل معها بأية وسيلة ممكنة.
والله أعلم.