السؤال
ليست لدي مشكلة مع عمي، لكن لا أستطيع أن أذهب إليهم. عندما أراهم أسلم عليهم؛ لأنه في عاداتنا وتقاليدنا لا أحد يذهب ويسلم على أحد.
عائلتي في خصام مع عمي. أنا لا أستطيع أن أراسله، لكني أراه أحيانا في الطريق وأسلم عليه، وأتكلم معه ومع بنات عمي. لكن المشكلة أنني لا أستطيع أن أذهب وحدي إلى بيت عمي، ولا أستطيع أن أراسله؛ لأني أخجل كثيرا، لكن عنده ما أراه أسلم عليه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أوردته لم يتضمن سؤالا معينا، ولعل مقصودك السؤال عما إن كان في ذلك صلة للرحم، أم يعتبر قطيعة لها؟
فإذا كان هذا هو مقصودك، فنقول: إن كان الحال ما ذكرت من أنك تتكلمين معهم وتسلمين عليهم، فهذه تعتبر صلة، ولا تكونين بذلك قاطعة للرحم؛ فأهل العلم قد بينوا ما تتحقق به الصلة، وأن الكلام كاف في ذلك ولو بإلقاء السلام فقط.
قال القاضي عياض: الصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام.... اهـ. نقله عنه النووي في شرحه على صحيح مسلم.
ومهما أمكنك زيارتهم والاتصال عليهم وتفقد أحوالهم ونحو ذلك؛ فافعلي، ولا يمنعنك ما بين عائلتك وعمك من خصام من القيام بذلك. هذا مع العلم بأن فساد ذات البين من الأمور الخطيرة وخاصة في حق ذوي الرحم، فهو نوع من الفساد في الأرض.
قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد23:22}.
وروى أحمد والترمذي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة.
وفي هذا الحديث حث على الإصلاح، وبيان فضله وعظيم منزلته.
ومن هنا، ننصح بانتداب العقلاء والفضلاء وذوي الحكمة؛ ليسعوا في سبيل الإصلاح، هذا مع الاستعانة بالله -عز وجل- ودعائه أن يحقق ذلك، فعسى أن يجعلهم مفاتيح للخير، مغاليق للشر، ويسوق الخير على أيديهم.
والله أعلم.